قلب وسرير مستعمل.. للإيجار !!. بقلم : نسرين جردي

قلب وسرير مستعمل.. للإيجار !!. بقلم : نسرين جردي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٣ نوفمبر ٢٠٢١

تلك السيارة الفارهة التي تقل تلك الشقراء إلى مكان ما كل يوم !!؟… تدعو الذاكرة لتخيل الشقة التي تعيش بها..
لا بد من إيجاد طريقة للتأكد من الصورة التي رُسمت في المخيلة..
من المؤكد أن غرفة الجلوس لونها أحمر..
المخيلة تقول بأن الثلاجة ممتلئة بالفراولة..والثلج والكحول المعلب، والسجائر البنية ذات النوع الفاخر …
الدهشةْ صفعت المخيلة عندما فُتح باب الشقة..
وحجرُ العين شعر بالخذلان أمام ذاك المشهد ..فلا أحمر ولا وسائد ولا حتى ستائر.. كل ما تحتويه تلك الشقة هو اسفنجتان عاريتان، ثلاجة خاوية تتعرق من شدة الألم والوحدة.. علب طلاء الأظافر ذات الألون الزاهية تعاني من ركنها على الأرض الباردة..
وأشياء شفافة تشبه البالونات الصغيرة في الزاوية المقابلة !.
هناك أيضاً.. تماماً في تلك الزاوية حبوب مفوضية ومنشطةو لتأخير العادة الشهرية..وألبسة داخلية حريرية ملونة ذات خيوط رفيعة..
هذه الشقة لم تبقى موحشة لوقت طويل .. سوى أحد عشر يوماً فقط كان طقم الأرائك المستعمل يتكئُ على الجدران التي تآكلت من الرطوبة..
وسرير يعجُ بآثار الرصاص، يعلن استسلامهُ أمام ما يحدث..
ليتوافد الأبطال  بعد ذلك عليه ..فلا استراحة ولا عطلة ،ولا حتى إجازة مرضيّة !..
وبات السرير يحتاج لذاكرة كبيرة تتسع لرواياتهم..
لم يكن جميع الزوار أبطالاً ،فالبعض منهم كان عمله مقتصر على تأمين المتطلبات اليومية من سجائر وكحول وما شابه..حتى هؤلاء كان لهم حق الاسترخاء على السرير لمرحلة القرف !!..
هذه الأنماط من زوار آخر الليل لم تستمر طويلاً ،ليتحولوا بعدها لزوار من أصحاب اللباس الموحد..
الهاتف اللاسلكي لهذا الزائر لا يكف عن الرنين.. فلا أحد يستطيع أن يتخذ قراراً دون رأيه ومشورته حسب زعمه ..يغير أثاث منزله بغضون ثوان على هاتفه النقال عندما تقرر زوجته..والأريكة من تحته تصرخ وتتوسل إليه أن يغير قماشها المهترء !!
الزائر الآخر كان كريماً للغاية..
وملامح السعادة لا تفارق وجهه ،وهو يراهن على التهام كل الطعام الذي أحضره.. دون أن يكترث بالثلاجة الخاوية !!.
في كل يوم يتوافد زوار آخر الليل إلى هذا السرير .. والشقراء لاحول ولا قوة ..سجائر وكحول على معدة خاوية ..
وللحقيقة تلك الشقراء كانت عاهرة محترمة..تماماً مثل “ماريا” التي وصفها “باولو كويلو” في روايته  ـ إحدى عشر دقيقة ـ ..
فـ أحد عشر دقيقة لكل رجل منهم كفيلة بدفع أجار الشقة ..كفيلة بتأمين السجائر المغرية ..
إحد عشر دقيقة من المتعة المأجورة .. كفيلة من أجل البقاء
كل شيء يتغير ..أنف وشفاه وستائر وغرف استقبال ونوم زوجات أصحاب الألبسة الموحدة..
شيء واحد لم يتغير..الشقة بقيت بالإيجار ..النوافذ لا زالت عارية..
أما الثلاجة.. فهي تماماً كأثداء رجل لا تفيد في شيء !!.
حتى الحيوانات المنوية تقفز بسرعة ووحشية كرصاص الحرب.. ومن ثم تتدلى على السرير لتتصارع مع الموت..
جلست الشقراء مقابل السرير، وركعت أمامه باكيةً ..
أيها السرير..
يا من تمتلك الدفء والأسرار..
يا صاحب الإحدى عشرة دقيقة..
بتفاحة هبطوا إلى الأرض ..
وبتفاحتنا يعيشون إحدى عشر دقيقة..
من القبل والولوج، والنشوة المصطنعة..
أريد حباً..
أريد بيتاً..
أريد رجلاً..
يا رب..
آمين..
ولا يزال ذاك السرير برسم الإيجار!!!.
 
سفيربرس