عالم بلا «واتس آب».. بقلم: حسن مدن

عالم بلا «واتس آب».. بقلم: حسن مدن

تحليل وآراء

الأربعاء، ٦ أكتوبر ٢٠٢١

هي ست ساعات، وقيل إنها سبع، انقطعت فيها خدمات الثلاثي: «فيسبوك»، «واتس آب»، «إنستجرام»، كانت بمثابة بروفة أولى لتخيّل كيف يكون العالم بدونها. فجأة ودون سابق إنذار وجد عشرات الملايين من البشر في العالم كله أنفسهم عاجزين عن دخول فضاءات التطبيقات الثلاثة. كثيرون، وأنا واحد منهم، اعتقدوا في البداية أن الخلل هو في هواتفهم النقّالة، أو في شبكة الإنترنت في منازلهم، قبل أن ينتشر خبر العطل الذي طال المنصات الثلاث.
أحد المواقع الإلكترونية على منصة «إنستجرام» أجرى ما يشبه الاستفتاء بين زواره بعد عودة الخدمة، حول السؤال التالي: ما هي إيجابيات وسلبيات ما جرى؟ ولم تخل الكثير من الإجابات من الطرافة، فأحدهم تمنى لو أن هذا العطل يحدث كل يوم لمدة عشر ساعات مثلاً، كي نرتاح من إدماننا على هذه الوسائل حتى لو كنا مكرهين على ذلك، وأحدهم اقترح الموعد المناسب لهذا العطل: من السابعة مساء كل يوم حتى الثامنة من صباح اليوم التالي.
ثالث سخر من دعاة مثل هذه الاقتراحات بالقول: طالما أنتم منزعجون لهذه الدرجة من هذه التطبيقات وتريدون تعطيلها عن العمل لعدة ساعات يومياً، لماذا لا تحذفوها من هواتفكم النقالة وتريحوا أنفسكم، وفي الوقت ذاته تريحونا من تذمركم؟ شخص رابع وجد في العطل الذي حدث فائدة واحدة، هي أنه خلد إلى النوم مبكراً ليلتها، لأنه لم يجد ما يتصفحه أو يطالعه على هاتفه.
ولأن المشرفين على المواقع الثلاثة تأخروا لبعض الوقت في الكشف عن سبب هذا العطل، فإن هناك من تبرع باختراع ذلك السبب. لا حدود لخيال مثل هؤلاء، الذي بلغ عند البعض حدّ «تأليف» حكاية متماسكة إلى حد بعيد وتبدو مقنعة إلى حد بعيد أيضاً، هي أن فتى في السادسة عشرة من عمره هو من دخل على أنظمة التوجيه في الشبكات الثلاث وعطّلها. وبالفعل، ما الذي يمنع فتى بالغ الذكاء متمكناً من برامج الإنترنت من أن يفعل فعلاً مثل هذا؟ وحتى يقال إن ما قام به كان «لحاجة في نفس يعقوب»، وليس مجرد طيش مراهق، فإن «مؤلف» الحكاية المزعومة قال إن الفتى صيني الجنسية! إعلان فريق المهندسين المشرف على عمل موقع «فيسبوك» قطع دابر الشك باليقين، كما يقال، حين أوضح أن سبب الانقطاع كان نتيجة خطأ في تغييرات الإعدادات الخاصة بأنظمة التوجيه الأساسية ومراكز البيانات، وهذا الخطأ حمّل الشركة خسائر بأكثر من 40 مليار دولار من قيمتها السوقية، فيما خسر مؤسسها مارك زوكربيرج نحو 6 مليارات دولار.