سورية باقية وأميركا راحلة...بقلم: حماد صبح

سورية باقية وأميركا راحلة...بقلم: حماد صبح

تحليل وآراء

الأحد، ٣ أكتوبر ٢٠٢١

شواهد كثيرة قوية تبشر بأن محنة سوريا في سبيلها إلى الانتهاء ما يعني انتصارها قيادة ودولة وشعبا على أطول وأقسى محنة لم تعصف بأي دولة في العالم سواها. ومن هذه الشواهد:

أولا : اتفاق درعا الذي أعاد المحافظة إلى كامل سيطرة الدولة السورية.

ثانيا :تحسن العلاقات على كل المستويات مع الأردن الذي كان أقواه  زيارة وزير الدفاع السوري العماد علي أيوب إلى عمان ، وافتتاح معبر جابر، وعودة حركة الطيران  بين البلدين

ثالثا : المحادثات في سوتشي  بين بوتين وأردوغان والتي قد تفضي إلى حل في إدلب  مشابه لحل درعا مع إقرارنا باختلاف الظروف الأمنية بين المحافظتين . وكان لافتا أن يدعو أردوغان بعد عودته من سوتشي إلى ضرورة الانسحاب الأميركي من سوريا وتركها لشعبها ، ويهاجم بريت ماكغورك المنسق الأميركي في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا ، ويتهمه بالتعاون مع ما سماه المنظمات الإرهابية في شرقي سوريا قاصدا المجموعات الكردية . رابعا : ما بثته صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن تحرك “قسد” أو قوات سوريا الديمقراطية لمحادثات مع الدولة السورية للتفاهم حول نوعية وضع المناطق التي تسيطر عليها حاليا في ظل الوجود الأميركي ، وترى الصحيفة أن هذا التحرك حافزه تخوف “قسد” من انسحاب أميركي قريب لتقع ، قسد ، تحت رحمة الدولة السورية ، أو التعرض لاجتياح تركي مثلما حدث في تل أبيض ورأس العين في 2019 عند الانسحاب الأميركي منهما . وتظهر القيادة السورية ثقة في حتمية الانسحاب الأميركي في المستقبل القريب حيث تنقل الصحيفة عن مصدر حكومي سوري أن ” اليقين الحكومي هو أن الوجود الأميركي غير الشرعي ليس دائما ، وسينتهي عما قريب ” ، ويستدل على يقينه من الانسحاب بأن ” التاريخ يثبت أن واشنطون تتخلى عن حلفائها ، وتتركهم لمواجهة مصيرهم مثلما حصل في فيتنام وأفغانستان ” . خامسا : رفع اللجنة التنفيذية في  الأمانة العامة للإنتربول الدولي الحظر على سوريا ، وفي هذه الخطوة أعيدت لمكتب دمشق التابع للإنتربول كل صلاحياته .

ولأن أميركا دائما هي أميركا عدوانيةً وانحرافا عن الحق ، وتأخرا في استيعاب ضخامة المصائب التي ترمي نفسها فيها ؛ قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية إنها ، أميركا ، ليس لديها خطط للتطبيع مع سوريا أو رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية مع حكومتها ، وتوسعا في العدوانية والانحراف عن الحق أضاف المتحدث أن أميركا لا تشجع الآخرين على التطبيع معها . والمحقق أن هذا الموقف العدواني السلبي من سوريا لن يوقف مسار الأمور لصالحها ، فالدولة التي ثبتت في صلابة مذهلة  لمحنة متعددة الأعداء ، ومنهم دول عربية اسما لا روحا ولا وفاء ، لن تجهل كيف تثبت في صلابة أشد وأرسخ بعد أن دنت من ضوء نهاية النفق الطويل المظلم الذي احتشد أعداؤها لحبسها فيه . ووراء التشدد الأميركي إزاء سوريا الرغبة في ابتزازها لكسب امتيازات سياسية واقتصادية وتجارية ، ودفعها للسير في قطيع المطبعين العرب الذين استسلموا كليا لها ولإسرائيل . ورفضت سوريا الأمرين حين كانت في أسوأ أحوالها، وهي الآن أحرى برفضهما بعد أن دنت محنتها الكبيرة من خط النهاية . سوريا تتحرك بحكمة وشجاعة  آلاف السنين من الفاعلية الكبرى على مسرح التاريخ والحضارة البشريين ، وأميركا تتحرك بحماقة واضطراب دولة مراهقة بمعايير التاريخ والحضارة ، وخلاصة هذا التناقض الصارخ بين الدولتين أن سوريا باقية مهيأة للانتصار والازدهار في بيئتها الوجودية ، وأميركا راحلة مهيأة للاندحار والاندثار في كل مكان من العالم .

كاتب فلسطيني