مقارنات خبيثة.. بقلم: عائشة سلطان

مقارنات خبيثة.. بقلم: عائشة سلطان

تحليل وآراء

الخميس، ٣٠ سبتمبر ٢٠٢١

لا أميل إلى المقارنات غير الموضوعية وغير البريئة والتي تفوح منها رائحة التشفي والضغينة والمصالح الشخصية، تلك المقارنات في مجالات المرأة، التنمية، التقدم في مجالات لطالما اعتبرت حكراً على الغرب، وكأنها أصبحت من ممتلكاته التي لا يحق منافسته عليها.
كما لا أجدها منصفة أو تعبر عن أي درجة من درجات الوعي أو الفهم، بل العكس تماماً، من هذه المقارنات مثلاً قولهم (لا يمكن لدبي أن تكون كألمانيا في تطورها أو فينيسيا في جمالها! لا مقارنة بين نهضة مدن الصناعة في الغرب وبين دول الخليج فالمسألة تاريخ وليست نفطاً! لا يمكن لمصر أن تتجاوز معوقاتها، كما فعلت ألمانيا أو اليابان بعد الحرب الثانية لأن ألمانيا واليابان بلدان مختلفة ومتطورة!!
وأخيراً، عندما تم تكليف السيدة نجلاء بودن كأول امرأة تشغل منصب رئيسة حكومة في تونس وفي تاريخ العالم العربي عامة، بدأت مقارنات الحرب النفسية المضادة: أن تونس ليست ألمانيا ونجلاء بودن لن تكون ميركل! وهكذا..
ولعل السؤال المنطقي هنا: ما هو المطلوب من الوطن العربي؟ هل قدره أن يبقى مهزوماً ومتخلفاً أبد الدهر؟ لماذا تمثل أي حالة نهوض أو انبعاث حقيقي إحباطاً وقلقاً للكثيرين؟ لماذا يقلقهم نجاح دبي؟ ولماذا عندما كادت مصر أن تنزلق إلى مستنقع الإرهاب الإخواني لم ينبس هؤلاء بكلمة، وعندما تم إنقاذها انهالوا عليها بسهام مقارناتهم؟
لماذا لا تكون دبي بشارة عصر نهضة عربي شاملة، وتكون نجلاء بودن قاطرة تونس نحو الخلاص بصلابة وذكاء ونزاهة كميركل وأفضل؟ ولماذا نستكثر على تونس أن تكون كألمانيا أو تطمح أن تكون؟ فهل كانت ألمانيا عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية سوى أكوام من حجارة وشعب مهزوم؟
إن دبي كما أراها ويراها ملايين غيري، أكثر تقدماً من عشرات المدن الأوروبية، وهي أجمل وأنظف وأرقى من فينيسيا، لكننا قوم مهزومون في علاقتنا بأمتنا ومنجزاتنا وحضارتنا واستحقاقاتنا، وأن هذه المقارنات لتكشف هذه الانهزامية عند البعض للأسف!