صراع الثقافة الغربية على ساحة الشباب.. بقلم: الأخصائية التربوية: خلود خضور

صراع الثقافة الغربية على ساحة الشباب.. بقلم: الأخصائية التربوية: خلود خضور

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٨ أغسطس ٢٠٢١

ما بين الرفض المطلق والقبول الحذر اجتاحت العولمة الدول والبشر وتعمقت بفضل تنوع آلياتها عن طريق الشركات متعددة الجنسيات والفضائيات والانترنت وأسواق المال والهجرة فأزالت الحدود والحواجز بين الدول والثقافات، ومن منطلق أن الشباب يمثل شريحة كبيرة من شرائح المجتمع كما أنه أكثر فئات المجتمع قوة ولديه قابلية للتغيير رُصدت له وبصورة غير مسبوقة وفي غالبها تغيرات لم تخضع لمعايير أو قيم أو معتقدات المجتمع والتي قد تشكل ثقافة مضادة وليست ثقافة فرعية، فهل جاء شعار العولمة بأيديولوجيتها ساعياً إلى إسقاط الارتباطات العائلية والوطنية والثقافية والدينية والقومية والطبقية للإنسان عموماً ولفئة الشباب على وجه الخصوص؟
فلم يعد الأمر مقتصراً على تغيير البناء الاجتماعي فحسب وإنما بات هناك إسهام جدّي في تغيير الإرث القيمي للشباب اليوم وإدخال الأفكار والقيم المستوردة التي لا تتلاءم مع التراث العربي وبات مجتمع الشباب غير محصن ومخلخل البنية فلا يقوى على اختيار صلاحية ما يمكن أن يفيده وأخذ الحيطة من غيره في ظل الأزمات والنكبات والحروب، فأصبحت الساحة شبه مشوشة أمامه في ظل المتابعات السطحية وبرامج اللهو والمواد الإباحية ومحاولة نشر المحظور والممنوع التي تقدمها بعض الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي وضآلة العقل وانشغاله عن التفكير في أساسيات الحياة لتقتل فيه روح المعرفة والعلم والإبداع والمسؤولية ليتحول إلى شاب غير مبالٍ بالقيم وغير مسؤول عن أفعاله.
فهل نجحت أدوات العولمة بعض الشيء باستهداف فئة الشباب فيما يثير الجنس والتلاعب بالغرائز وغيرها من أشياء سلبية ؟ عدا عن نشرها ثقافة الشعور بالنقص من خلال عرض الحياة الغربية بصورة إيجابية على جميع المجتمعات الأخرى لخلق حالة من الانبهار والاعجاب والشعور بعدم القدرة على المواكبة لتلك المجتمعات فتصور الحياة الغربية على شكل مدينة فاضلة ومحببة، ولم يتوقف الموضوع عند هذا وحسب خاصة في ظل ما تقوم به الدعايات والإعلانات والجهود المؤثرة لنشرة ثقافة الاستهلاك فيحاول الشباب أن يصلوا إلى مايروه عن طريق الإسراف المبالغ به  والتقليد دون ترتيب منطقي لاحتياجاتهم.
عموماً لا يمكن الجزم بسلبية هذه الثقافة المتغيرة في كليتها إنما قد تحمل بعض الجوانب الإيجابية بقدر ما تحمل من جوانب سلبية يعلي فيها الشباب ثقافة الآخر ويفضلها على ثقافة مجتمعه وحتى لغته مرات وبشكل لا ينفصل عن انبهاره بتكنولوجيا الغرب دون مراعاة للتمييز بين ما هو إيجابي وما هو سلبي ولا يساعد على التمسك بجوانب القوة في ثقافة مجتمعه فيما عدا اللباس واتباع الموضة حتى أنهم أصبحوا فريسة للأوهام المتزايدة والاغتراب والتطلع إلى السفر خارج البلد.
ما بين الإيجابيات والسلبيات لتأثيرات الثقافة الغربية التي لم تطرح جميعها للنقاش يطول الحديث وينجرف بعض الشباب اليوم نحو تبعية الأفكار وترك التراث العربي ليصبحوا مستهلكين أكثر لكل ما يصدَّر لنا من معلومات وثقافات، وهنا لابد من أن أطرح السؤال التالي هل مجتمعنا قادر على احتواء هؤلاء الشباب اليوم؟ وماهي إجراءاته وتوجهاته في ظل فجوة ما يسمى بصراع الأجيال؟