هذا ما يقدمه الأدب.. بقلم: عائشة سلطان

هذا ما يقدمه الأدب.. بقلم: عائشة سلطان

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٦ يوليو ٢٠٢١

يصنع الكُتاب والفنانون، بما يكتبونه وما يبدعونه ويؤلفونه، سواء أكان قصصاً أو قصائد أو أغنيات، ما لا تصنعه جيوش من الموظفين أو السياسيين، عندما تناط بهم مسؤولية رسم أو تصدير الصورة الزاهية لأي بلد في العالم.
من وجهة نظر موضوعية، يمكن القول إن الأدب والموسيقى والحرف والسينما والشعر، أقوى أدوات الدبلوماسية والدعاية الإنسانية العظيمة، لأي مدينة أو مجتمع يريد أن يصدر نفسه بلداً متحضراً وراقياً ومهتماً بالإنسان وتنميته والارتقاء به، إنها الأدوات التي صار الحديث عنها عالياً في السنوات الأخيرة، باعتبارها روافع الدبلوماسية الناعمة، والصناعات الثقافية الجديرة بالاهتمام والرعاية.
لقد عرف المجتمع العالمي دولاً من خلال كُتابها، ومدناً من خلال موسيقييها ومطربيها، وعرفت حضارات من خلال آثارها، كما طارت أسماء دول، حلقت في سماوات العالم شرقاً وغرباً، عندما وقف كُتابها على منصات التكريم الشاهقة، ومدت أيادي كبار القامات والرموز من الملوك والرؤساء، لتسلمهم أكبر الجوائز وأرفع الأوسمة.
فيالهذا المجد الذي صنعه شاعر بسيط مثل بابلو نيرودا، لتشيلي، عندما ذاع اسمه مقترناً ببلاده، يوم تسلم جائزة نوبل للآداب عام 1971، ومثله فعل الروائي الفذ غابرييل غارسيا ماركيز، عندما أصدر روايته العبقرية «مئة عام من العزلة»، والتي منحته عليها مؤسسة نوبل جائزتها الرفيعة عام 1982، ومثلهما كان أستورياس من غواتيمالا، وغيرهم.
لقد أسس كُتاب أمريكا اللاتينية، مجموعة عرفت بـ «البوم»، يعتبر بورخيس وأستورياس وغيرهما، أبرز روادها، لقد ارتبط مصطلح البوم، الذي يشير إلى تيار شهير من كتاب أمريكا اللاتينية، الذين نقلوا فن الرواية والأدب من مكان متأثر بأدب أمريكا، إلى مكانة رائدة، هم صناعها ومؤسسوها، فطارت أسماء مدنهم عبر العالم، بما أسسوه وما قدموه، مثل ماركيز وجورجي أمادو وماريو باراغاس يوسا وخوليو كورتاثر، وغيرهم.
يصنع الأديب ما لا يمكن لجيوش من المقاتلين أن تفعله، ولملايين من الناس أن تقدمه، تلك هي عظمة الأدب والأدباء الكبار، صناع المجد الحقيقي لأوطانهم.