أبي يكرهني.. بقلم: سوسن دهنيم

أبي يكرهني.. بقلم: سوسن دهنيم

تحليل وآراء

الخميس، ١٥ يوليو ٢٠٢١

 في تعليق على موضوع في أحد مواقع التواصل الاجتماعي تقول إحداهن: «أبي يكرهني كرهاً لا يوصف». 
ما الذي يجعل بنتاً تظن أن والدها يكرهها، أو أنه يحبها أقل من حب أي أب لابنته؟ وما الذي يجعل أي ابن يظن أن والده لا يحبه، كما ينبغي، ولا يهتم به كما يجب؟ 
نعرف تماماً أن الأبوّة نعمة كبيرة، وأن جميع الآباء يحبون أبناءهم، ولا يوجد أب سويّ لا يحب أهل بيته، لكن هناك فرق في طريقة التعبير عن هذا الحب، وفي طريقة إيصال المشاعر وطريقة التربية التي قد تُشعر الآخرين بأن هذا أقسى من غيره، أو أقل قدرة على الحب والإسعاد من غيره. 
ما تنقله وسائل الإعلام وما نسمعه ممن هم حولنا على ألسنة معارفهم وما يسمعونه من بعض الأسر، يجعلنا نشعر بالأسى والضيق تجاه بعض الأبناء، ممن يظنون أن آباءهم لا يولونهم الأهمية، أو لا يحبونهم كما يتمنّون. 
هذه المشاعر جاءت إما نتيجة القسوة في التعامل، أو التقتير في الصرف والمأكل والمشرب، أو عدم الاهتمام بتوفير أساسيات متطلبات الحياة، أو عدم الوجود وقت الحاجة وفي المناسبات الخاصة والعامة، أو الغياب المتكرر الذي لا يسمح بالتواصل، كما ينبغي، وغيرها من الأسباب التي تُشعر الأبناء والزوجة أيضاً، بتقصير بعض الآباء، وقد يفهمها الأطفال على أنها قلة حب أو كره أو إهمال. 
بعض الآباء لا يسمح لهم وقتهم بالتواصل والحضور المستمر بسبب طبيعة وظائفهم أو كثرة انشغالاتهم، كي يوفروا قوت عائلاتهم أو يُنجزوا أعمالهم ويلبوا حاجياتهم، لكن هذا ليس عذراً لمن لا يُبدي اهتماماً بالمشاعر وإيصال حبه لأهل بيته على الرغم من ضيق وقته، فطول الوقت ليس هو الفيصل ولا الدليل على الحب؛ إذ ما يحدث في هذا الوقت هو المهم. ووقت قصير مشحون بالعاطفة والاهتمام والأحاديث خير من وقت طويل لا يوجد فيه المرء بكل جوارحه مع أهل بيته. 
الأبناء بحاجة إلى مشاعر آبائهم وأمهاتهم بشكل لا يمكن سدّه بأي بديل، فهم بحاجة إلى الإحساس بالأمان حين يجدون ظل أبويهم في الدار؛ بحاجة لضحكة صادرة من القلب تتشاركها الأسرة جميعاً، وتكون ذاكرة جمعية مع مرور الوقت.. بحاجة إلى لمسة حنان لا تعوّضها كل أيادي البشر، وكما أن بر الأبناء واجب، فإن بر الآباء مطلوب أيضاً، لتتماسك الأسرة ويتماسك المجتمع، وتقوم البلاد على نفسيات وقلوب سليمة لا ينقصها حب ولا حنان، ولا تشعر بالظلم أو النقصان.