الشائعات إذا تطايرت.. بقلم: عائشة سلطان

الشائعات إذا تطايرت.. بقلم: عائشة سلطان

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٤ يوليو ٢٠٢١

أراد رجل دين مسيحي أن يحضِّر موعظة ذات أثر يلقيها في قداس الأحد على مسامع أتباعه، شريطة أن يكون لها وقع عميق، وكانت قد انتشرت إشاعة في المدرسة التي يعظ فيها، حول حادثة فُهمت بشكل غير ما هي عليه، فاختار أن تكون الموعظة حول الشائعات التي ينشرها البعض دون أي دليل ومدى خطورتها وتأثيراتها في الناس وعلاقاتهم ببعضهم بعضاً!
ذكر الرجل في خُطبته، أن امرأة ذهبت لكاهن تعترف أمامه بمعصية تريد أن تكفّر عنها، إذ دأبت على نشر أكاذيب وتقوّلات على من حولها، لا أساس لها من الصحة! فما كان من الكاهن إلا أن طلب منها أن تذهب إلى أعلى مبنى في المدينة، وتأخذ معها مخدة مملوءة بالريش، وفوق المبنى تقوم بتمزيق المخدة في يوم عاصف، وبعد أن تنتهي طلب منها أن تعود فتجمع كل ريشة حملتها الرياح وتعود بالمخدة إليه.
فبهتت المرأة، وعرفت استحالة تحقيق طلب الكاهن، وفهمت المغزى على وجه الدقة، فالشائعات إذا انطلقت وحملتها رياح الألسن في كل اتجاه، وبعثرتها في كل الأسماع والمجالس والأصقاع، بات تتبع أثرها، وإعادتها إلى فم قائلها ومحو الأثر الذي قطعته بين الأفواه والآذان والقلوب أكثر استحالة من جمع ريش يتطاير في مهب الريح.
أما الأكثر إيلاماً وصعوبة فتلك الشظايا المتناثرة على حواف الطريق الذي قطعته الشائعات، تلك الآثار المدمرة، تلك السمعة التي اهتزت، والنفوس التي جرحت، تلك المعلومات الخاطئة ربما تسبب نشرها بين الناس في تصديقهم لها وتمسكهم بها وامتناعهم عن القيام بما هو في صالحهم وصالح غيرهم، كهذه الشائعات التي نشرت حول مضارِّ التطعيم ضد كورونا، وآثاره القاتلة التي تحدثوا عنها دون علم، هذه الشائعات التي أضرت وقادت لموت الكثيرين!
فمن بإمكانه أن يمسح أثر كل الكلام المغلوط من عقول الناس وقلوبهم، من بإمكانه أن يجمع الريش في هذا الزمن العاصف؟!