ظواهر ما بعد الصدمة.. بقلم: صفية الشحي

ظواهر ما بعد الصدمة.. بقلم: صفية الشحي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٧ يوليو ٢٠٢١

«الاستقالة الكبرى» هو آخر ما وُصفت به ظاهرة فقد الوظائف التي انتشرت في أماكن كثيرة من العالم خلال جائحة كوفيد-١٩، حيث وصل عدد من تركوا وظائفهم في شهر إبريل من هذا العام في الولايات المتحدة - على سبيل المثال - إلى ٤ ملايين شخص، ومع انتشار الإرهاق الصحي والنفسي إثر استمرار تداعيات الجائحة، وتحور فيروسها إلى ما يعرف ب «دلتا»، ارتفعت وتيرة القلق بين الأوساط العلمية بعد أن سجل «المتحور» حضوره في ٨٥ دولة على الأقل، ما دفع الخبراء للتشديد على ضرورة أخذ جرعتين من اللقاح ومواصلة اتباع إجراءات السلامة والنظافة بشكل يومي، وعلى المؤسسات لفرض المزيد من قيود التباعد الاجتماعي في أماكن العمل.
وفي استطلاع رأي أجرته شركة مايكروسوفت وصلت نسبة القوى العاملة العالمية التي تفكر بترك العمل إلى ٤٠٪، لكن الإرهاق الناتج عن الضغوط المادية وتقليص أعداد الموظفين، هو ليس السبب الوحيد في قرار الأشخاص باستبدال وظائفهم، وإنما كذلك التساؤل عما يمكن أن يجعلهم أكثر ازدهاراً واستعداداً لمستقبل ما بعد الجائحة، ما يمكن أن يعرف بحالة عميقة من «اليقظة»، التي دفعتهم للتفكير ملياً في خياراتهم ومدى تأثيرها على «توازن الحياة والعمل»، وإعادة تعريف النجاح خاصة مع ما أتاحته التكنولوجيا من فرص عمل أكثر مرونة من خلال العمل عن بعد، العمل الجزئي أو ريادة الأعمال، بالإضافة إلى الازدهار في قطاعات مثل المطاعم والضيافة.
من الأمور التي يجب الالتفات إليها كذلك ظاهرة «اضطراب صدمة كوفيد» التي تصيب الأشخاص ، بسبب القلق على أسرهم وأوضاعهم المادية، بالإضافة إلى تحديات التكيف مع التغييرات الكبيرة وشعور عدم اليقين. وحسب تقرير نشرته مجلة لانسيت للطب وهو حصيلة لدراسات شملت ١٧ مليون شخص في أربع قارات، لا يزال هذا الاضطراب يعاني من قلة التشخيص والعلاج والبحث عنه كحالة صحية عقلية، ما قد يكون له عواقب وخيمة على المدى البعيد مرتبطة بالتدهور المعرفي والخرف، وتغير الإدراك والسلوك العاطفي.
ومع استحداث ملايين الوظائف حول العالم التي يعتمد معظمها على المهارات التكنولوجية ومهارات التواصل عن بعد، فإن السؤال الأهم بالنسبة لأصحاب العمل ومديري الموارد البشرية يتمثل في.. ما هي الاستراتيجيات التي يمكن أن تحقق الرفاهية العقلية والنفسية والصحية للموظف؟ أما الإجابة فهي ليست في المزيد من المكافآت المادية والترقيات، وإنما في خطط شاملة لأساليب عملية لإعادة شحن الطاقة، والحد من آثار التوتر وضمان بيئة تحافظ على استقرار الموظف النفسي، في سبيل بناء علاقة مستدامة بين المؤسسات والعاملين فيها.