قمة جنيف.. جليد فوق جليد!.. بقلم: هديل علي

قمة جنيف.. جليد فوق جليد!.. بقلم: هديل علي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٨ يونيو ٢٠٢١

يقف الرئيس الأميركي جو بايدن متمترساً خلف الناتو، ويرفع عصاه بوجه روسيا، وكل تفكيره ينحصر في كيفية مواجهة الخطر الصيني القادم من الشرق، فيحاول التحضير جيداً للقاء القمة بينه ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في سويسرا، في السادس عشر من الشهر الجاري.
ثلاثة مواقف متتالية أطلقها الرئيس الديمقراطي، تشي بنتائج القمة المنتظرة مع الرئيس بوتين، أبرزها أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى نزاع، بل تريد أن تكون هناك علاقات مستقرة وقابلة للتنبؤ مع روسيا، بشأن مسائل مثل الاستقرار الإستراتيجي والرقابة على التسلح، على حد تعبيره في مقال رأي نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، مضيفاً إنه سعى لتمديد معاهدة «ستارت» الجديدة مع روسيا لمدة خمس سنوات.
بايدن الذي ينفذ سياسات اللوبيات الأميركية، يعي تماماً أن مواجهة روسيا والصين معاً، ستكون في غاية الصعوبة، وستكلف واشنطن الكثير، فعمل على محاولة تثبيط أي تفاقم لمواجهة موسكو، عبر إشغالها بنزاعات جانبية قرب حدودها وفي دول محيطة بها، وفي مواقع نفوذ عالمية لها، إضافة إلى التمترس خلف الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في مواجهتها، ليتسنى لواشنطن محاولة إيقاف التمدد الصيني.
الرئيس الأميركي الذي أطلق مواقف قديمة جديدة، بعد الكشف عن مشاركته بقمة حلف الناتو المزمع عقدها في 14 حزيران الجاري في بروكسل، أعلن أنه سيجدد التأكيد في قمة الناتو على التزام واشنطن الثابت بالمادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي، التي تنص على رد جماعي تجاه أي هجوم على أي دولة عضو بالحلف، بما في ذلك التهديدات، مثل الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الحيوية.
الموقف الثالث الذي ثبّت حقيقة التوجهات الأميركية وخفايا المواجهة مع بكين، تصريحه العلني بأن إحدى الأولويات ضمن أجندة جولته الأوروبية القادمة، تكمن في تعزيز التعاون بين واشنطن وحلفائها، لكبح جماح الصين في مجال التجارة والتكنولوجيات، الذي طالب فيه بإبعاد الصين عن تحديد قواعد التجارة والتكنولوجيات في القرن الـ21.
بالطبع موسكو تدرك تماماً ما تريده واشنطن من تلك القمة، خاصة أن الكرملين أعلن أنه رغم أهمية هذا الحدث، إلا أن موسكو لا ترجح تسوية الطرفين جملة من القضايا الخلافية، ما يشير إلى عدم تعويل الطرف الروسي على جدية واشنطن في حلّ العديد من المسائل المهمة، ولن تخرج إلا كما خرجت في قمة 2018، ببعض الصور التي تلوكها وسائل الإعلام حسب توجيهها عملياً، خاصة أن بايدن يعمل على تشكيل مشهد داخلي يتسم بالهدوء، بعد مرحلة «ترامبية» مضطربة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وصحياً، ومشهد خارجي يطمئن به الحلفاء والأصدقاء والأتباع، بأن واشنطن حاضرة وقادرة على فرض إرادتها على العالم كله بما فيه روسيا.
يبدو جلياً أن عدم قدرة واشنطن على تشكيل رؤية واضحة لجهة التعامل مع موسكو، نتيجة بؤر التوتر المشتركة التي اختلقتها الإدارات الأميركية السابقة، يفرض على بايدن العمل الدؤوب لتجنب إثارة وتفوير البراكين الخامدة، ولو أنها تحت جليد ظاهر، خاصة أن بعض البؤر تمس الأمن القومي الروسي، ما يدفع الرئيس بوتين بقوة لمواجهة الولايات المتحدة بمزيد من الصلابة وقليل من المرونة، وهو موقف عبّر عنه رأس الدبلوماسية الروسية وزير الخارجية سيرغي لافروف، عندما وضّح الموقف الكامل لبلاده من القمة المنتظرة، بأنها لن تخرج بقرارات مصيرية وحاسمة، خاصة المسائل الخلافية.
بعيداً عن التكهنات والتحليلات فالموعد قريب، وذوبان ثلج القمة سيعكس مرج المواقف النهائية، فلعله يكون مرجاً ولا يكون قشاً يابساً، أو تكون هذه القمة كمن يراكم جليداً فوق جليد.