بروكار شامي.. بقلم: هديل علي

بروكار شامي.. بقلم: هديل علي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٦ مايو ٢٠٢١

لن تفي بضع كلمات لوصف هول الصدمة التي مني بها أعداء سورية، عندما شاهدوا بأم العين، جحافل السوريين المدججين بالوطنية، وهي تؤم صناديق الاقتراع خارج سورية في سفارات بلدهم في كل بقعة من العالم، فاللوحة التي رسموا ملامحها يوم العشرين من أيار، تحاكي قطعة من البروكار الشامي التي حاكته القلوب قبل الأيادي، وسيكمل رسمها بمشهدها النهائي السوريون في الداخل اليوم الأربعاء، لتنطق هذه اللوحة برسائل يجب على محور العدوان أن يضعها كالحلق في أذنه، وهي أن السوريين هم من يقررون مستقبل بلادهم، وهم من يختارون قيادتهم، ولا يسمحون لأي أحد أن يعبث بخياراتهم الوطنية، وأن الدولة السورية دولة قوية قادرة على إنجاز استحقاقاتها الدستورية عبر مؤسساتها المعنية، بالتوقيت المناسب وضمن المهل الدستورية الممنوحة من دستور الجمهورية العربية السورية.
تسونامي السوريين العاصف المهول، كاد أن يجرف، وهو مقبل على الاستحقاق الرئاسي السوري، كل تلك العقوبات الغربية والجماعات الإرهابية والأميركية، إلى الهاوية السحيقة، وتكاد أصوات الحشود والأفواج والناخبين، تدق مسامع الأميركي والتركي والفرنسي ومن لف لفيفهم لتقول بصوت سوري واحد، نعم مرة أخرى وأخرى لسيادة الرئيس بشار الأسد، و«تباً» لعقوباتكم وممارساتكم وتصريحاتكم، سنكمل التحدي، سنتجذر أكثر في أرضنا ونبقي الرؤوس تلامس عنان السماء، وسنسير جنباً إلى جنب مع القائد لنعمر بالأمل والعمل كل ماهدمتموه، لنستعيد كل ما نهبتموه، وننبت كل ما حرقتموه، السوريون اليوم نهضوا من كل شبر محرر من رجس الإرهاب ومن كافة البقاع السورية، واجتمعوا وهتفوا، نعم لولادتنا الجديدة، نعم للقادم الأفضل، نعم لم تتزعزع عقيدتنا، ولم ترتعش أيدينا، ولن يخيب أملنا، بمن خضنا معه أقسى وأشد الحروب السياسية، الميدانية، الاقتصادية، والنفسية، فدوما اليوم كما بابا عمرو كما خان شيخون كما القرداحة ومصياف وسعدالله الجابري، كما كل شبر من سورية، وحّدوا الكلمة واللون والخَيار، فاخضرّت العيون بنجمتين تزينان علم البلاد المرفوع المرفرف في سماء الوطن، رغماً عن الكارهين والحاقدين والخائنين، لتكون الرسالة للعالم، «هذا قرارنا وهذا بلدنا وهذا قائدنا نحن وحدنا من نقرر مصيرنا وننهض بأرضنا ونختار، ولقد اخترنا البشار».
مدهشون هم السوريون، كيف يعكسون وجه حضارتهم وديمقراطيتهم وحريتهم أمام العالم، كما يفرد صانع الحلي أثمن جواهره وأحلاها، مدهشون هم السوريون بمحبتهم لوطنهم وثوابته ورموزه، التي حاول أعداؤهم شيطنتها، وإظهار الدولة ومؤسساتها على أنها دولة فاشلة ومؤسسات غير قادرة على تنفيذ غاياتها وأهدافها، نعم، مدهشون هؤلاء السوريون الذين صدموا أعداءهم بعد عقد من الإرهاب والحصار والتجويع وكل أشكال العدوان، كيف أنهم ملتصقون بوطنهم قلباً وقالباً، لا يساومون على كرامتهم أو على حبة تراب من أرضهم، أرواحهم تتنفس عشقه، فلا يحيدون عن قداسته ولا يميلون مع أهواء مواربيه، جذورهم ضاربة في الأرض، كما هي في التاريخ، يعضون على النواجذ، ويرمون بصرهم إلى أقصى ما يستطيع العدو حشده، يعيرون اللـه جماجمهم، موقنون أن النصر من عند الله، بعد أخذهم بأسبابه من الدفاع والوحدة والالتفاف حول قائد صامد صابر، يعلم علم اليقين، أن الصبر نصف الإيمان، فهنيئا للسوريين بهذا القائد وهنيئاً له بهم كشعب يزاحم السماء في رفعة هاماته.
الوطن