أمريكا جديدة؟.. بقلم: حسن مدن

أمريكا جديدة؟.. بقلم: حسن مدن

تحليل وآراء

الأحد، ٢٣ مايو ٢٠٢١

في غرفتي «الكونجرس» الأمريكي اليوم ما نسبته 23 في المئة من السود واللاتينيين والآسيويين والأمريكيين الأصليين، أي من المنحدرين ممن يُعرفوا ب«الهنود الحمر»، فيما كانت هذه النسبة قبل عقدين فقط 11 في المئة، ولم تتعد الواحد في المئة عام 1945.
هذه مؤشرات أوردها المحلل أنطوني زوتشر، في تحليل نشر على موقع «بي. بي. سي» يتناول أثر التنوع الإثني في بنية «الكونجرس» في السياسات الأمريكية، ما يحملنا على التساؤل ما إذا كنا إزاء «أمريكا جديدة».
مع ذلك اخترنا أن ينتهي العنوان بعلامة استفهام، فلعله من السابق لأوانه الحديث عن «نشوء» أمريكا جديدة، وهو ما جرى تناوله خلال السنوات الأربع التي قضاها الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض، على خلفية ما اعتبر خروجاً من جانبه على «ثوابت» السياسة الأمريكية، وازداد السجال حول هذا في الأسابيع التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الماضية التي خسرها ترامب، وأثير حولها لغط كبير.
إذا كانت التحولات في أمريكا قد عززت داخل الحزب الجمهوري من الميول الشعبوية، التي تظهر قلقاً من سياسات استيعاب المهاجرين، التي كان لها أكبر الأثر في ظهور هذا التنوع الديموغرافي الحاسم الذي يتبدى اليوم في بنية «الكونجرس»، فإنها، على النقيض، خلقت قاعدة ملتفة حول الحزب الديمقراطي؛ لأنها تراه أكثر «ليبرالية».
ولهذه القاعدة من يمثلها داخل الحزب؛ أبرزهم على الإطلاق السيناتور بيرني ساندرز، الذي خاض منافسة؛ للفوز بترشيح الحزب له في وجه كل من هيلاري كلينتون والرئيس الحالي جو بايدن؛ لكن ما يزال الوقت مبكراً لأن ينعطف الديمقراطيون نحو اختيار رجل مثله ليمثلهم في السباق الانتخابي.
على الرغم من ذلك نجح بيرني في خلق مزاج يساري داخل الحزب، والدفع بوجوه شابة تتبنى نفس النهج إلى الواجهة، بينهم عضوات «الكونجرس»: الفلسطينية الأمريكية رشيدة طليب عن ولاية ميتشجان، واللاجئة الصومالية إلهان عمر عن ولاية مينيسوتا، وعن نيويورك ألكسندريا أوكاسيو- كورتيز العائدة أصولها إلى بورتريكو، وفازت على مرشح محافظ للديمقراطيين؛ لأنها أكثر تعبيراً عن التنوع الذي عليه حزبها اليوم.
أمريكا الجديدة لم تتشكل بعد، ولن تتشكل في الأفق المنظور، وما اختيار الديمقراطيين لبايدن مرشحاً لهم بوجه ترامب إلا تعبيراً عن خشيتهم من تفكك منظومة التفكير التقليدية الموروثة، سواء داخل حزبهم أو حتى في الحزب الجمهوري المنافس، ولكن لم يعد الأمر يتصل بمجرد إرهاصات محتملة لمثل هذا التغيير، فالمعطيات تشير إلى تسارع وتائره، ويظهر ذلك إزاء مجموعة من الملفات، داخلية كانت أو خارجية.