الفرق واضح.. بقلم: مارلين سلوم

الفرق واضح.. بقلم: مارلين سلوم

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٣ أبريل ٢٠٢١

كل عام وأنتم بخير. حين هلّ علينا الشهر الكريم في 2020، عرفنا معه لأول مرارة الغصة والفراق داخل البلد الواحد والحي الواحد، والعزلة الحقيقية وإغلاق المساجد.. كان رمضاناً بلا بهجة، هكذا اعتبره الناس خصوصاً أن الوباء كان يتوغل وينتشر ويكشّـر عن أنيابه ولا من يصده أو يتجرأ على تحدّيه.
هلّ علينا رمضان مجدداً، والوباء مازال يفرض شروطه، لكن الفرق واضح بين الأجواء التي عرفناها العام الماضي، وفسحات الأمل التي نعيشها اليوم. الفيروس لم يتراجع ولم يستسلم؛ بل مازال يطور نفسه ويُظهر أسلحته الجديدة، لكن الإنسان استطاع مواجهته بسلاح اللقاح، وإن كان البعض يشكك في أنواع من اللقاحات، ونعيش حرباً من نوع آخر، نشعر بأنها حرب مصالح وشركات وتجارة، نتمنى ألا ندفع ثمنها نحن وألا يجعلوا منا مجرد أدوات استهلاكية يستخدمونها لإشعال حروبهم.
رمضان هنا، والغصة ما زالت هنا، لكن طعمها لم يعد بنفس المرارة، طالما أن هناك لقاحاً وقدرة على التعامل مع كل وسائل الوقاية الاحترازية بوعي وذكاء. المؤسف أن من ينغص على الناس فرحتهم بالشهر الكريم وبالأمل بلقاء بين الأهل والأحبة سليم، هم فئة من الناس يتكبرون على كل شيء، وكأن إيمانهم يبلغ مداه ويتجاوز حدود إيمان من يتبع خطوات الحذر والاحتياطات اللازمة! وكأن عدم الالتزام ورفضهم للكمامة وللتباعد دليل قاطع على أن اعتمادهم على الله يكفيهم ويشكل ضمانة لعدم إصابتهم بكورونا. إنها الأنانية والإهمال وعدم الإحساس بالمسؤولية تجاه الأفراد من أهل وأصدقاء وتجاه المجتمع.
كلنا نشتاق لوالد ووالدة نقبل جبينيهما وأياديهما ونرتمي في الحضن ونرتاح.. ونشتاق لإخوة وأخوات نحضنهم ونمازحهم، كما كنا صغاراً؛ بل كما كنا قبل كورونا! لكن سنشتاق إليهم أكثر وبحرقة ووجع لن تمحوه الأيام ولا السنين لو حملنا إليهم بدل الهدية كورونا، وتسببنا عن غير قصد بإصابتهم بالوباء، وربما وفاتهم.
فليكن شهر خير وبركة ننعم فيه بالصحة وراحة البال، ولتؤجل الموائد و«اللمة» واللقاءات إلى أن يصير العالم آمناً، وأجسامنا وأيادينا وأفواهنا وملابسنا لا تحمل خطر نقل الوباء الخفي.
النسيان نعمة منحها الله للإنسان، لكنها نقمة إذا تعمد المرء استخدامها «للتناسي»، كي يفعل ما يشاء ويكمل حياته وكأن الوباء غير موجود ولا يشكل خطراً على قريب أو جارٍ وعلى نفسه أولاً.