العلم والعمل.. أيهما أولاً؟.. بقلم: شيماء المرزوقي

العلم والعمل.. أيهما أولاً؟.. بقلم: شيماء المرزوقي

تحليل وآراء

الاثنين، ١٢ أبريل ٢٠٢١

توجد عدة جوانب حياتية يقع فيها جدال مطول، وتنقسم حولها الآراء بشدة بين فريقين. ومع أن كل فريق يدرك أنه لا يمكن الحسم الواضح التام أيّ موضوع هو الصواب، إلا أن الحماس والجدلية يستمران.
أستدعي هذه الكلمات بعد موقف حدث لإحدى القريبات، رفض ابنها إكمال تعليمه الجامعي، مفضلاً أن يتوجه نحو الحياة العملية، بينما ترى الأم أنه من المهم أن يحصل على شهادة جامعية أولاً، مع أن الابن حاول أن يبين أن توجهه المبكر للوظيفة سيمنحه فرصة لزيادة خبراته، ويمكن أن يلتحق بالجامعة فيما بعد وفق الدراسة عن بعد أو الدراسة المسائية. 
وإن أمعنا النظر فإن البعض قد يصطفّ مع الأم؛ لأن الشهادة الجامعية ستؤهل الابن للحصول على راتب ومرتبة وظيفية أعلى من تلك الوظيفة التي سيحصل عليها وفق مؤهله الثانوي، ومع أن هذا صحيح دون إطلاقه، إلا أن الابن له وجهة نظر يجب ألّا نغفل عنها، وهي فائدة التوجه نحو الوظيفة مبكراً، ففي كل عام تأتيه علاوة سنوية، وبعد أربعة أعوام سيكون راتبه أعلى ممن سيتوظف بالشهادة الجامعية في حينها، بل لديه خبرة أكبر، فضلاً عن هذا سيحصل على الشهادة الجامعية وفق البرامج التي تعلنها الجامعات، لمن هم على رأس العمل. وهنا يكون قد ضرب عصفورين بحجر: وفر دخلاً شهرياً وحصل على الخبرات والمهارات، وفي نفس اللحظة لم يهمل دراساته العليا.
أعتقد أن وجهة نظر الابن ليست مهزوزة، بل يجب التأمل فيها، خاصة ونحن نعلم أن سوق العمل مضطرب وسريع التغير، فإذا أتيحت فرصة وظيفية الآن قد لا تكون متوفرة بعد أربعة أو خمسة أعوام. وبالتالي يجب فهم وجهة نظر الابن بشكل دقيق وبمختلف الأبعاد. في مثل هذه المواضيع ستجد أن للأم وجهة نظرها الصحيحة والمقدّرة، وستجد أيضاً أن للابن وجهة نظره الصائبة والموضوعية. من المهم الفهم أن ثنائية العمل والعلم متسقة، بل يعتبر العلم والعمل بمثابة الجناحين اللذين يحلقان بكل واحد منا نحو فضاءات النجاحات والتميز.
 لعالم الأحياء البريطاني، توماس هنري هاكسلي، كلمات معبرة ومهمة، خاصة وهي تصدر من قامة علمية؛ حيث قال: «الهدف النهائي للحياة هو الفعل وليس العلم، فالعلم بلا عمل لا يساوي شيئاً، نحن نتعلم لكي نعمل». هذه قاعدة وركيزة مهمة، فنتيجة العلم هي الفاعلية، والإنتاج الذي لن يتحقق إلا بالعمل، فإذا جاء هذا العمل متفقاً مع الروح العلمية وفي إطارها فإنه دون شك سيكون عملاً متقناً مميزاً.