انتبه قد يدمرك.. بقلم: شيماء المرزوقي

انتبه قد يدمرك.. بقلم: شيماء المرزوقي

تحليل وآراء

الجمعة، ٢ أبريل ٢٠٢١

البعض يمارس التجاهل حتى أصبح جزءاً من تعاملهم اليومي، بل وصل بهم الحال لمحاولة أن يظهر عليهم تجاهلك، فعندما تحدثهم لا يصغون أو لا يولون ما تقول الاهتمام، تتزايد هذه الحالة التي يشوبها الغرور، وتصبح صفة للشخصية، أقول تتزايد هذه الممارسة حتى مع أقرب المقربين وقد تمس الأب والأم وأفراد الأسرة داخل المنزل الواحد. 
وهناك زخم يشجع على هذا السلوك، ويدفع بك نحوه، وكأنها طريقة رائعة ومجربة للتعامل مع الناس. والبعض عندما تستغرب منه هذا الأسلوب، وتسأل عن الأسباب التي تجعله يعامل الآخرين بالتعالي والتجاهل، يجيبك بأنه هكذا يريح رأسه من الصداع أو يريح نفسه من كثرة الكلام، أو أن هذا الأسلوب يخلصه من البعض من الناس الذين يصفهم بأنهم مزعجين، ولكنك تلاحظ أنه لا يستثني أحد من تعامله الجلف وتجاهله الأرعن. وبالتالي كأن جميع ممن هم بالقرب منه مزعجين ولا يستحقون إلا هذا الأسلوب. 
الحقيقة أن أسلوب التجاهل ممارسة قاسية ويجب أن نعرف متى نستخدمه، وأيضاً يجب أن نعرف أن ممارسته محدودة وغير عامة، بمعنى هناك مواضع من الجيد التجاهل فيها، وهناك مواقع يصبح التجاهل عقوق وتمرد وعدم أدب. 
بين يديّ كلمات للمؤلف والفيلسوف جورج ماكدونالد، تحدث عن متى يصح التجاهل ومتى يصبح مضراً، فقال: «التجاهل وقت الغضب ذكاء، والتجاهل وقت المصاعب إصرار، والتجاهل وقت الإساءة تعقل، والتجاهل وقت النصيحة البناءة غرور، فانتبه متى تتجاهل». وبالفعل انتبه متى تتجاهل، لأن ثمن تجاهلك في غير أوانه أو غير محله، قد يكون مكلفاً جداً، عندما تتجاهل دروسك والاستذكار فإن النتيجة الحتمية الإخفاق، وتجاهلك لتعليمات مرؤوسيك في مقر عملك تعني عدم الإلمام بالمهارات الوظيفية، وبالتالي تقدير سلبي لك، تجاهلك للصحب والأصدقاء تعني تعاليك عنهم ورفقتهم، وهذا سيؤدي لابتعادهم عنك وتجنبك. نعم للتجاهل كسلوك تمارسه، مع أصدقاء السوء، مع الغاضبين وأصحاب المشاكل، لكنه كارثة بكل ما تعني الكلمة مع محيطك الأسري ومجتمعك وناسك.
 اعرف قواعد ومبادئ التجاهل، ولا تجعله جزءاً من شخصيتك، بل اجعله أسلوب ينمي مواهبك وقدراتك ويجنبك المطبات الحياتية، ويحميك من السقطات، بمعنى وظف التجاهل لخدمتك وليس لتدميرك.