بين القرار والتنفيذ بحرٌ عميق.. بقلم: سامر يحيى

بين القرار والتنفيذ بحرٌ عميق.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٢٨ مارس ٢٠٢١

سأل معلّم الطالب، إذا كانت لدينا أربعة عصافير على الشجرة، وقرّرت ثلاثة منها الطيران، كم عصفوراً بقي على الشجرة؟ أجاب أحد الطلبة، أربعة عصافير لأنّهم قرّروا الطيران، ولم ينفّذوا بعد...
 شتّان بين اتخاذ القرار الذي يحظى بدراسةٍ متأنية مستفيضة متكاملة من كل جوانبه، وطرق تطبيقه واحتمالات الفشل والنجاح والتحدّيات والمعوّقات، وكيفية استقطاب جمهور المؤسسة الداخلي والموجّه إليها لضمان حسن تطبيقه على أرض الواقع، فلا أحد ينكر أنّ المعضلة التي نعاني منها هي تجاهل غالبية عمّال المؤسسة أنفسهم لقراراتها، بل العديد منهم لا يلتزم بها، وهناك من يطالب باستثناءات تحت ذرائع مختلفة، والرقابة يكون هدفها العقاب أو الإهمال وتجاهل أنّ دورها متابعة القرار وحسن تطبيقه وتجاوز الثغرات لتحقيق التغذية الراجعة الحقيقية.
كذلك النفاق الوظيفي والتبعية العمياء وتجاوزات البعض تحت حججٍ كثيرة هي التي تؤدي لضياع هيبة المؤسسة، فمهما كانت ظروف العاملين المادية والمعنوية وطبيعة عملهم، والضغوط التي يتعرّضون إليها، يجب أن يكونوا أول الناس التزاماً واحتراماً للقوانين وتقبلاً وصموداً أمام صعوبات الحياة، وليس مطالبة الآخر بالصمود وهم يتصرّفون بشكلٍ لا أخلاقي مهما كاّنت المبرّرات.. وضياع هيبة المؤسسة وتدميرها بشكلٍ ممنهج يكون عبر تبنّي شعارات: "الراتب لا يكفي، غداً الأمور تتحسن، ليس الوقت المناسب الآن، هكذا صدر التوجيه، لا تعترض على ثقة القيادة التي منحتها لهذا الشخص فيجب أن تتقبّل رأيه وقراره أياً كان سلبياً، أنت لست أفهم من المدير، نقاشك ووضع رؤى وأفكار هو تدخّل منك وتكبّر على مؤسستك...".
الحلّ بسيط، بتفعيل دور دائرة العلاقات العامة التي هي صلة الوصل بين المؤسسة وكوادرها وجمهورها ومحيطها، مستفيدةً من كل الخبرات والكوادر التي تملك الرؤى والأفكار، بعيداً عن المحسوبيات والشخصانية المدمّرة، حتى المتعاقدين هناك من هو قادرٌ على إبداء الرأي نتيجة تجاربه السابقة وخبراته، وتضمن التكامل في الأداء والإنتاج والنهوض بالمؤسسة واستثمار مواردها بالشكل المستديم، وصولاً لموارد الوطن ككل بشرية مقيم أو مغترب، ومادية، وثروات بكلّ أنواعها، وفلترة التصريحات الإعلامية، والقضاء على الفجوة بين المواطن ومؤسساته.
إن صورة المسؤول وهو يجلس بوسيلة نقلٍ مع كوادر من مؤسسته ليس دليل تواضع، بل سبّبت أثراً سلبياً على المجتمع، لأنّ التواضع هو الإشراف المباشر على حلحلة الازدحام المروري، وتوجيه وسائل النقل بالطريق السليم وفق أكثر الطرق ازدحاماً، ولو اضطررنا بالتعاون مع شرطة المرور من أجل توجيه خط سيرها للطرق الأكثر ازدحاماً، وأن تتمّ تعبئة الوقود عبر عداّد الآلية، وليس عدد الأيام من أجل ضمان استخدامها بمكانها المخصص لها، ولن يعيق المؤسسة أن تصدر دفتراً خاصاً بكلّ مركّبة يتضّمن عداد المركبةّ، ويتابع من قبل شرطي البداية والمنتصف والنهاية، وبالتالي نضمن عدم التهرّب من المهام المنوطة بالآلية، ونقضي على عملية تهريبٍ كبيرةٍ للوقود، ويشمل ذلك كافّة الآليات دون استثناء أيٍ منهم، فلا تخلو زاوية من وجود شرطي مرور، ودوره ضمان حسن سير المرور والتعاون مع كافّة الجهات التي تعمل لذلك.
أم هل تجاهل ذلك الخبير التنموي والاقتصادي والإعلامي ورافع الشعارات الوطنية البرّاقة ...إلخ، أن ينطلق من أرض الواقع ويبدأ من نفسه ومحيطه وواقعه، وأنّ منع الهدر وقوننة الانفاق يكون من خلال تفعيل المسؤولية المجتمعية لكل المؤسسات الإنتاجية والخدمية الحكومية والخاصة، وأصحاب رؤوس الأموال، لدعم العملية الإنتاجية التي تقضي على البطالة، وتوفّر مدخولاً كافياً لكلّ مواطن لتلبية متطلّباته، وبنفس الوقت توفير كافّة احتياجات السوق بدل صرف النقود لأشخاص معيّنين والاكتفاء بضمان القدرة على السداد، بدلاً من ضمان القدرة على إنتاج موارد لتحقيق ضرائب حقيقية لصالح الوطن، وتذهب للمكان المخصصة إليه أياً كانت التسمية.
 وهل تجاهل من يكتب الضبوط وإغلاق المحال، أنّه لا يمكن تجفيف حفرةٍ إن لم يتم قفل الصنبور، وبالتالي، ضبط المورّدين الأساسيين وكبار التجار والمتعاملين بالعملة الأجنبية، تلقائياً سيضبط كافّة الأسواق بأقلّ تكلفة، وليس صعباً أن يتم تحويل كافّة المحال، أنّى كان حجمه، بدءاً من الكشك وصولاً لأضخم سوق، عبر تفعيل برنامجٍ محاسبيٍ، يضبط عملية دخول وخروج البضاعة لهذا المحل، وبالتالي تستطيع المحال التجارية بمعرفة احتياجاتها بوقتٍ سريع، وبنفس الوقت ضمان تسديد الضرائب استناداً للمبيعات والأرباح الحقيقية.
بكلّ تأكيد هي مجرّد كلمات، من الممكن أن تتضافر مع جهود وآراء الآخرين، من أجل اتخاذ القرار الصحيح النابع من أرض الواقع، ويصبّ فيها، وينال احترامه من العاملين فيها قبل غيرهم، وهذه لن تحتاج أكثر من مائة يوم عملٍ لنبدأ بحصد النتائج، حتى القطّاع الزراعي والصناعي ما أكثر الموارد التي لا تحتاج المائة يومٍ لكي نرى نتائجها، وأقصى حدٍ ستّة أشهرٍ للمواسم الطويلة.