التزييف العميق.. بقلم: صفية الشحي

التزييف العميق.. بقلم: صفية الشحي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٤ مارس ٢٠٢١

انتشرت مؤخراً سلسلة مقاطع فيديو تم إنتاجها عبر تقنية «التزييف العميق» يظهر فيها الممثل العالمي توم كروز في مواقف مختلفة متحدثاً إلى ملايين المتابعين عبر منصة «تيك توك» والتي أثبتت بشكل مثير للقلق مدى إمكانية إنتاج محتوى خادع ويصعب تمييزه عن المحتوى الحقيقي، الأمر الذي سيؤثر وبشكل كبير في ثقة الجمهور وسيساهم في انتشار الجريمة الإلكترونية والأخبار المزيفة أكثر من أي وقت مضى.
إن التزييف العميق الذي ظهر في عام 1997 يقوم على تقنيات صناعة مقاطع الفيديو والصوت لشخصيات مختلفة بالاعتماد على «التعلم الآلي» وهي طرق تم استخدامها بشكل واسع على المستوى الأكاديمي وخصوصاً في مجال «الرؤية الحاسوبية» أحد الحقول الفرعية لعلم الحاسوب، وفي عام 2017 ظهر الفيديو الشهير للرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما» وقد كان حصيلة لمجموعة مقاطع تم تجميعها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، أما المصطلح نفسه فقد ظهر في العام 2017 من أحد مستخدمي مجتمع reddit.com «ريديت»، والذي بدأ بإنتاج ونشر مقاطع غير أخلاقية لعدد من الشخصيات، مما ساهم في إطلاق حملة للحظر عبر مواقع تواصل مختلفة لهذا النوع من المحتوى من بينها «تويتر» ومحرك بحث «جوجل».
ورغم أن هناك استخدامات إيجابية لهذه التقنيات في عالم السينما وحتى السياسة أحياناً كما حدث في خطاب الرئيس السابق للولايات المتحدة دونالد ترامب خلال إحدى خطاباته السياسية، إلا أن هذه «الظاهرة» يمكن أن تتحول إلى مشكلة عابرة للدول والمجتمعات وبالذات مع توفر وسهولة استخدام تقنيات التلاعب بالصور للأفراد، بالإضافة إلى صعوبة التمييز بين المحتوى المزيف والحقيقي، كما أن «المشكلة ليست تقنية بقدر ما هي مشكلة ثقة في المعلومات التي يتم تداولها عبر المنصات المختلفة»  كما يشير الخبراء.
إن انعدام الثقة في المحتوى والذي سيشكل قلقاً كبيراً في الفترة القادمة يجب أن تتم مواجهته بمجموعة من الاحترازات، على الصعيد الفردي، ومن بينها الالتزام بمبدأ الشك الصحي والامتناع عن المشاركة وإعادة النشر قبل التأكد من صحة المصدر ومصداقيته بشكل تام.
 كذلك من المهم طرح أسئلة حول الهدف من المحتوى المنشور ومن ثم النشر في عدد المصادر التي قامت بنشره وفي حالة وقوع الأشخاص في هذا المأزق والتعرض لمشكلة التزييف العميق يجب إبلاغ الجهات المعنية لمعالجة المشكلة.
 أما على الصعيد المؤسساتي، فمن الضروري الاستثمار في أدوات كشف التزييف وكذلك حملات التوعية ضد التزييف العميق، وذلك من أجل تأسيس وعي ومسؤولية مجتمعية لمكافحة المعلومات المضللة وحماية الأفراد، الأسر، المؤسسات والمجتمعات.