السفر إلى قلب القلب,.. بقلم: عبداللطيف الزبيدي

السفر إلى قلب القلب,.. بقلم: عبداللطيف الزبيدي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٦ مارس ٢٠٢١

أليس عجيباً أن الآدميين، منذ عشرات القرون، يتحدثون عن القلب شعراً ونثراً وعلماً ومعرفة، وهم إلى الآن لا يعرفون أدقّ أسراره؟ حين يصغي الأقل علماً إلى المتخصص العارف يزداد حيرة. «سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنه الحق» (فصّلت 53).
هل بلغتك بلاغة طبيب القلب الفرنسي جان بيير هوب؟ يقول: «كلّما تذكّرت هذه الصورة الشعرية اقشعرّ بدني وغصت في الذهول. يتكوّن الإنسان من اندماج كروموزوم وبويضة، تنشأ خليّة تعرف تماماً ما عليها أن تفعل. تسارع إلى الانقسام وتتضاعف بسرعة خياليّة. تحدّد لون شعرك، عينيك، أنفك، فمك، أذنيك، يديك، رجليك، أعضاءك الداخلية، قلبك ودماغك. دماغك الذي يمكن أن يقضي حياته في تحصيل علوم الأحياء والوراثة والطب، متخصصاً في دراسة الخلايا، من دون أن يعرف كيف تعمل تلك الخليّة بالضبط».
هل أدركت أبعاد العبارة القرآنية الساحرة «سنريهم آياتنا»؟: سنريهم نسبيّة العلوم والمعارف. سنريهم العجائب. ماذا عن القلب؟ متى ينشأ القلب الذي سيظل نبض الحياة في كل شيء، المعنوي والمادي. الإيمان بالمقدّس، الحبّ بألف حبّ، الشعر، الفنون، الشجاعة في قلوب الأسود، إلى الموسوعات الطبيّة والصيدليات وغرف العمليات. 
دعنا نعُدْ إلى الدكتور هوب: «لا أحد يعلم السرّ، ففي اليوم الحادي والعشرين من الحمل، حتى المرأة ليست على يقين من حملها، يظهر برعم خلويّ في أسفل ما سيكون الدماغ في ما بعد، ويبدأ في الإيقاع، الخفقان. ذلك قبل وجود القفص الصدري والصدر وسائر الأعضاء. وسيظل ذلك الإيقاع النابض طوال الحياة». هو ينبض قبل أن يصبح قلباً أصلاً. 
ما السرّ؟ لكن ما هو القلب؟ وكيف الوصول إلى لبّ فؤاده؟ يقول الطبيب: «إنه حاسوب تردّدات لاستشعار أيّ طارئ في جسمك. في كل نبض، مع كل شهيق وزفير تتغيّر الترددات وعدد هرتزاتها، طبقاً للحالات النفسية والانفعالات والسلامة والسعادة والرضا والسكينة، أو السقم والمعاناة والسخط والروع. هو جهاز إنذار مبكّر لكل أجهزة الجسم وليس مجرّد مضخّة دم. اختلاف تلك الترددات استشعار لكل طارئ يطرأ. الحواسيب الدقيقة جعلت قياس الترددات أسهل، لكن الأسئلة التي لا تزال بلا أجوبة كثيرة».
لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: تستطيع الأساليب التربوية الفائقة أن تجعل إمتاع العلوم أشدّ تشويقاً من أروع الأعمال الأدبية. هذا إبداع على المناهج تحقيقه، وليس محالاً إذا كان عزيز المنال.