العبور إلى دمشق على الألغام الأميركية.. بقلم: ديما ناصيف

العبور إلى دمشق على الألغام الأميركية.. بقلم: ديما ناصيف

تحليل وآراء

الجمعة، ١٢ مارس ٢٠٢١

قد لا تكون مصادفةً تزامن تصريحي وزيري خارجية الإمارات والسعودية بضرورة عودة سوريا إلى الجامعة العربية ودعم الحل السياسي لإنهاء الحرب. ورغم أن الأمر لا يتعدى حتى اللحظة التصريحات السياسية، وأن الخطوات العملية لم تبلغ المستوى المطلوب، فإنَّ ذلك لم يكن ليحدث لولا وجود انقلاب في المنظومة الأميركية التي كانت تضغط على هذه الدول وتمنع تقاربها مع دمشق.
لكن هذا الإعلان المتزامن لا يقلل أهمية الخرق المزدوج لدولتين عضوين في الكتلة الصلبة من دول التعاون الخليجي التي دعمت الحرب على سوريا، ووقفت وراء قرار تعليق عضويتها في الجامعة العربية قبل 10 سنوات، والذي أملته الهيمنة السعودية – القطرية على الجامعة آنذاك.
من الواضح أن تحولاً كبيراً في تعاطي الإدارة الأميركية الجديدة مع الملف السوري استدعى إمكانية حصول هذه التصريحات المتمايزة عن الموقف السياسي الذي استمر لسنوات طويلة، لمجموعة قادت حملةً لإخراج سوريا من المشهد الدبلوماسي العربي، تحت رهانات كثيرة بإسقاط الدولة السورية سريعاً، واستجابة لضغوطات أميركية وغربية لعزل سوريا.
الإعلان عن الرغبة الخليجية في إعادة العلاقات مع دمشق، ما كان يمكن أن يكون لولا انتزاع سوريا نصراً عسكرياً وسياسياً بعد 10 سنوات من الحرب، وهو أيضاً ليس أمراً جديداً. أصوات تونسية وجزائرية ولبنانية سبقت ما ذهبت إليه أبو ظبي والرياض بالتعبير عن مواقف مؤيدة للعلاقة مع دمشق، بعد أن كانت إدارة ترامب تمنعها وتنصب في وجهها جدار العقوبات الاقتصادية.
ومنذ أن دخل الاحتلال التركي إلى الشمال السوري، أولى مراتب التهديد الأمني القومي العربي من المتوسط حتى الخليج، تجري الكثير من العواصم التي مولت مالياً وعسكرياً أو سياسياً مراجعات لفتح قنوات تواصل مع دمشق وتعاون أمني وسياسي، إذ ترى هذه العواصم في عودة سوريا إلى الجامعة العربية تحجيماً للنفوذ والوجود التركي في المنطقة العربية، وفي بوابتها الشمالية سوريا.
ولم تكن اجتماعات مدير الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك مع رئيسي المخابرات المصرية والسعودية في الرياض والقاهرة قبل سنوات، إلا في سياق قرار سياسي عربي، وإن كانت أجندته أمنية، واستجابة سورية لتعميق هذا التعاون، منعت الضغوطات الأميركية إمكانية تثميره وحصول مخرجات مفيدة. ربما لو حصل ذلك، لأحدث نقلة نوعية في الصراع واختصر أمد الحرب، كما ترى دمشق.
التصريحات الإماراتية، وإن سبقتها خطوات جدية في افتتاح السفارة في نهاية العام 2018، واتصال ولي العهد محمد بن راشد بالرئيس بشار الأسد، لتأكيد دعمه للشعب السوري في ظل جائحة كورونا، والتصريحات السعودية اليوم، قد تنذر كلها بانفراجات سياسية تكون مقدمة لأخرى اقتصادية، تنعكس على الداخل السوري الذي أتعبته عقوبات “قيصر”، وهي تعني بشكل أساسي أن هناك انفتاحاً أو مساعي لانفتاح عربي جدي تجاه سوريا هذه المرة.
المييادين