عشرية سوداء في ليبيا.. ماذا بعد؟.. بقلم: نعيم إبراهيم

عشرية سوداء في ليبيا.. ماذا بعد؟.. بقلم: نعيم إبراهيم

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٣ فبراير ٢٠٢١

يقول رئيس مكتب روما التابع للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أرتورو فارفيللي: إن «ليبيا أصبحت إلى حد ما ساحة للحرب بالوكالة، وأعتقد أن هذه هي المشكلة الأكبر في ليبيا بالوقت الحالي مع محاولة احتواء اللاعبين الإقليميين، والعديد منهم لديهم رؤى متباينة لليبيا».
مرت عشرية كارثية على ليبيا شهدت البلاد خلالها حرباً بالوكالة غذاها الانقسام السياسي والصدع الإيديولوجي في صفوف القوى والنخب الليبية المأزومة، لأن «الثورة» ضد «ثورة الفاتح» كانت كارثة قوضت سنوات من الاستقرار وجعلت الدخان الأسود سيد الموقف حتى الآن.
حقيقة المشهد الليبي راهناً تؤكد سيطرة انتماءات سياسية غير واضحة وولاءات توهّم أصحابها أن التخلص من نظام الجماهيرية سيجلب ديمقراطية تعددية لبلاد، باتت تسيطر على قيادة الأمور فيها ميليشيات عسكرية تخوض معارك لا تحقق شيئاً سوى سلسلة من الدمار وتمزيق مستمر للجيوسياسة الليبية على الصعد كافة.
كان مشهد انتخاب سلطة تنفيذية جديدة في ليبيا هو آخر مشاهد الأزمة اللبيبة التي شهدت توافقات ومؤتمرات دولية لم تشهدها أي أزمة في المنطقة، فهل تنتهي أزمات ليبيا بانتخاب برلمان أو مجلس رئاسي أو حكومة؟ وهل تلوح في الأفق ملامح مستقبل أفضل؟ أم تتغلب مصالح الحلفاء على مصالح الشعب الليبي؟
بات جلياً أن الذي يقود البلاد اليوم هي القوى الغربية المتحكمة بكل الأطراف الليبية إلا من رحم ربي، وكان للمجتمع الدولي والأمم المتحدة الجزء الأكبر في التسبب بالأزمة بقرارات أسقطت الدولة الليبية ودمرت الجيش والمؤسسات، تاركة البلاد رهينة الفوضى وانتشار السلاح من دون أي خطة دولية لجمعه واستعادة الدولة.
كل القوى الوطنية والقومية والإسلامية الليبية باتت عصفاً مأكولاً منها من تم خداعه بمستقبل وهمي ومنها من تآمر جهاراً نهاراً مع حلف الأطلسي وقوى استعمارية أخرى ضد منجزات «ثورة الفاتح» بقيادة العقيد معمر القذافي الذي قتل على أيدي هؤلاء جميعاً.
السلطة التنفيذية الموحدة الجديدة المراد تشكيلها في ليبيا، ستكون مؤقتة وسيكون منوطاً بها بشكل أساسي قيادة ليبيا حتى موعد إجراء الانتخابات الوطنية المقررة في 24 كانون الأول 2021 وإعادة توحيد مؤسسات الدولة.
والسؤال الأهم هنا أيضاً هل ستنجح هذه السلطة في نقل البلاد إلى بر الأمان أو حتى السكة الأولى منه، أم سيتم ترحيل القضية الليبية إلى زمن يتقادم وفقاً لما يريده اللاعبون الخارجيون، نشهد فيه مزيداً من الحوارات والملتقيات والمؤتمرات داخل ليبيا وخارجها والتي من المتوقع أن تكون كسابقاتها لا تسمن ولا تغني من جوع، بينما يتوالى قدوم الوسطاء الدوليين بعد السابع منهم السلوفاكي يان كوبيتش الذي يعتقد مراقبون أنه «لا يحظى بسمعة جيدة» وأن «الساسة الليبيين الجدد الذين ائتمنوا على مهمة إحلال السلام في بلدهم لم يكونوا أهلاً لها» وهو ما ينذر باستمرار الانقسام والتشظي سياسياً وإيديولوجياً وفكرياً وقبائلياً وجغرافياً، وهذا يعني جعل ليبيا دولة فاشلة على الصعد كافة.