الحزب الجمهوري ما بعد الترامبية..بقلم: دينا دخل الله

الحزب الجمهوري ما بعد الترامبية..بقلم: دينا دخل الله

تحليل وآراء

الخميس، ١٨ فبراير ٢٠٢١

برأت محكمة مجلس الشيوخ الرئيس السابق دونالد ترامب من تهمة التحريض على العنف ما يعني أن المعركة التشريعية والسياسية بين الرئيس السابق والحزب الديمقراطي انتهت. قد تأخذ هذه المعركة فيما بعد منحى مستقلاً خاصاً بعيداً عن الكونغرس يستطيع فيها الديمقراطيون إدانة ترامب كمواطن عادي لا يحظى بحماية حزبية. وقد يتحول اهتمام المشرعين مع مرور الوقت من تركة ترامب إلى قضايا أكثر أهمية كمواجهة جائحة كورونا والاقتصاد والوظائف وغيرها. إلا أن التخلص من هذه التركة لن يكون بهذه السهولة بالنسبة للحزب الجمهوري الذي تأثر كثيراً في السنوات القليلة الماضية. فما الآثار التي تركتها الترامبية على الحزب؟ وكيف أثرت أفعال ترامب الأخيرة على شعبية الحزب في الشارع الأميركي؟
لعل أفضل ما يدل على التأثير السلبي لترامب على حزبه هو وجود انقسام داخل الحزب حول إدانة ترامب، صحيح أن 43 نائباً جمهورياً صوتوا لمصلحة ترامب في مجلس الشيوخ إلا أن 7 نواب من الجمهوريين صوتوا ضده، وهذا عادة لا يحدث لأن الولاء للحزب غالبا ما يكون مطلقا. كما أن هناك أصوات داخل الحزب تدعو لمحاكمة ترامب جنائيا كمواطن عادي على الجرائم التي ارتكبها خلال حكمه.
ساعد ترامب من خلال تغريداته على تويتر ومقابلاته وتصريحاته على نمو اليمين المتطرف داخل المجتمع الأميركي. إذ تقول الباحثة سينثيا ميلر ادريس في كتابها (الكره في الوطن: اليمين المتطرف العالمي الجديد) إن «ما بين 75 ألفاً و100 ألف شخص في الولايات المتحدة انضموا لمجموعات البيض المتطرفين هذا بالإضافة إلى الأشخاص المتعاطفين معهم». هذه الأرقام لا تشمل الميليشيات المسلحة لذلك قد تكون الأرقام أكبر بكثير. وقد ساعدت الجائحة وقلة المعلومات على تسهيل تجنيد الأشخاص الأكثر ضعفا كما يسميهم أخصائيو التطرف. أظهرت استطلاعات للرأي أجريت حديثا أن 78بالمئة من الجمهوريين يؤمنون أن تزويراً ما قد حصل في الانتخابات أدى إلى تغيير النتيجة، أي ما يعادل 64 مليون أميركي. في السنوات الست الأخيرة ساعدت أفكار ترامب على اتحاد هذه المجموعات المتطرفة معا في وجه عدو مشترك متمثل حسب رأيهم باليسار السياسي والدولة العميقة والاستابلشمنت والإعلام التقليدي. وفي السادس من كانون الثاني وقف ترامب أمام البيت الأبيض ووجه الحشود إلى الكونغرس بعد أن أعطى الأمر عندما قال: «لن نستعيد بلدنا إذا كنا ضعفاء. « لذلك يرى المحللون أن تبعات أحداث السادس من كانون الثاني قد تكون طويلة.
يرى أغلب الأميركيين أن الرئيس السابق مذنب ويجب إدانته، كما يرى الكثيرون أن وقوف الحزب الجمهوري إلى جانب ترامب دليل على عدم قدرة الحزب على حماية الديمقراطية. خسر الجمهوريون في فترة حكم ترامب الكونغرس بمجلسيه والبيت الأبيض ما لم يحدث منذ رئاسة هيربرت هوفر1929-1933. كما خسر أكبر عدد من الأميركيين وظائفهم خلال حكم ترامب وهو ما لم يحدث منذ رئاسة هوفر أيضاً.
لم يربح الحزب الجمهوري الأصوات الشعبية في الانتخابات الرئاسية منذ زمن طويل ما قد يكون دليلاً واضحاً على ضعف شعبيته في الشارع، وفي هذه الانتخابات خسر أيضاً أصوات المجمع الانتخابي. فهل يستطيع حزب أبراهام لينكولن الذي حارب العبودية في القرن التاسع عشر، نفض غبار الترامبية عن نفسه وبناء شعبية جديدة في الشارع الأميركي توصله للحكم من جديد؟