دبلوماسية اللقاح.. بقلم: حسن مدن

دبلوماسية اللقاح.. بقلم: حسن مدن

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٦ فبراير ٢٠٢١

مبكرٌ القول بأن العالم المتقدم في الطب والعلم تحديداً، تعلّم الدرس القاسي من تعثر توزيع لقاحات «كورونا» في بلدانه المختلفة، لأن الأمر نحى منحى المنافسة لا منحى التعاون، وصارت الشركات المنتجة للقاحات تتنافس على كسب أسواق جديدة لمنتجاتها، أكثر مما جرى التركيز على توحيد جهود الدول في السبل الأكثر نجوعاً في مواجهة الجائحة، بما في ذلك تنظيم خطط اللقاحات.
لكن ما يمكن أن نكون واثقين من صحته هو أن هناك بدايات صحوة، بأهمية مثل هذه الخطوات، تنمّ عنها بعض المؤشرات، بينها تعبير الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن ثقته في أهمية التعاون مع روسيا والصين لضمان إدراج اللقاحات التي طوّرها علماء البلدين في جهد متعدد الأطراف مهم لمكافحة الوباء، وتأكيده على أن الحرب العالمية ضد الفيروس لن تكسب إلا بالتعاون الدولي الأكبر.
وقبل أسابيع بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل احتمال «إنتاج مشترك للقاح» مضاد لفيروس «كورونا»، وأنه تمّ الاتفاق على مواصلة الاتصالات بهذا الشأن بين وزارتي الصحة وهيئات أخرى مختصة في البلدين.
لكي ندرك أهمية خطوات مثل هذه، علينا أن نتذكر حملة التشكيك الغربية في كفاءة وفاعلية اللقاحات التي أنتجتها كل من الصين وروسيا، وأحيط اللقاح الروسي «سبوتنيك في» بالذات بحال من الريبة حين أعلنت عنه روسيا في أغسطس/ آب الماضي، لتصبح الدولة الأولى في العالم التي تعلن عن نجاحها في إنتاج لقاح مضاد ل«كوفيد -19»، رغم أن مجلات علمية غربية، وليست روسية، أكدّت أن نتائج التجارب السريرية لهذا اللقاح أظهرت أن فاعليته عالية للغاية.
وبدأ تطعيم المواطنين الروس باللقاح منذ مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتمّ إرسال كميات منه إلى بيلاروسيا وصربيا والأرجنتين، وساهمت الهند في إنتاج 100 مليون جرعة منه، كما تمّ توقيع شراكات مع البرازيل والصين وكوريا الجنوبية، حتى إن وكالات نقلت عن خبير سياسة فرنسي اسمه باسكال بونيفاس، قوله بأن روسيا حققت انتصاراً جيوسياسياً بلقاح «كورونا».
ورغم أن روسيا أقرّت بأن ليس لديها الموارد الضرورية لإنتاج الكميات اللازمة بسرعة، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفي حديث متلفز أخير، لم يخفِ تشفّيه المضمر بالدول الغربية، وهو يشير إلى تزايد الاعتراف الدولي بفاعلية اللقاح الذي أنتجته بلاده.
وفي إشارة إلى تنامي الشعور بأهمية تنسيق جهود الدول في مجال اللقاحات أشار الخبير الفرنسي المذكور إلى أن البحث عن لقاحات ضد «كورونا» ومشكلة توزيعه أدى إلى ظهور ما وصفه ب «دبلوماسية اللقاح».