ولادة...بقلم:الباحثة النفسية الدكتورة ندى الجندي

ولادة...بقلم:الباحثة النفسية الدكتورة ندى الجندي

تحليل وآراء

السبت، ٦ فبراير ٢٠٢١

الأقدار حملتني بعيداً عن موطني الأم، ولكن ما إن تهبُ رياح الشوق أعود إليها لأرتوي من عشقها رحيقاً يُدفئ قلبي المتلهف للحياة.

أعود الى حاضرة التاريخ دمشق

أي سرٍ تحملهُ هذه المدينة في مكنونها ينبوع الحياة لا ينضب فيها أبداً!

رغم الآلام والجراح

رغم الطعنات والهجمات

رغم الدماء التي سالت منها والخيانات

التي أحاطت بها

إلا أنها ما زالت راسخة في جذورها ... ثابتة في مبادئها...عصية على أعدائها

الحب يتجدد دائماً ويزهر في ربوعها.. شوارعها.. أزقتها.. حاراتها القديمة المشبعة بعبق التاريخ..

أشجارها ...ياسمينها يُضفي برونقه ألقاً على الوجود.

أبوابها مفتاح لكل الأبواب! وعبرها يكون الحل والخروج من كل المتاهات!

فأي سرٍ تمتلكه هذه المدينة في مكنوناتها؟

دمشق اليوم حزينة تكتبُ بدموعها وثيقة حضورها

الحرب اشتدت بثقلها على هذه المدينة وطال العدوان آفاق غاباتها وأُنهك الحصار قواها فلم يبق ما يقتات به أطفالها.

قد سكن اليأس أحداق نسائها وكأن شمس الصبا لن تضيء من جديد جبهتها!

تساءل الجميع من حولي عندما رآني أي رياح هذه التي حملتك إلينا في هذه الظروف القاسية؟

نحن اعتدنا على الحرب على الظلم.. والخيانة، ولكن اليوم يحاربوننا في لقمة العيش

يستهدفون ضحكات أطفالنا

يستهدفون وجودنا

الحرب اليوم أشدُ شراسة وقهراً

ودمشق أشدُ صلابة.. وقوة

لم يعرف التاريخ يوماً قوة ممانعة مثل دمشق !

 ولكن إلى متى؟

إلى متى سيستمر هذا الظلم؟

رغم ضراوة هذه الحرب إلا أن دمشق اكتسبت صلابة حولتها إلى قوة ثابتة ومتحولة تمتلك المرونة بحيث تستطيع امتصاص أي محنة والتأقلم معها.

وهذا يعني أن دمشق قبل الحرب ليست كما بعدها؟

القوة ازدادت وأخطاء الماضي تراءت والرؤية اتسعت

ولكن أي استراتيجية نحتاج اليوم للمواجهة؟

رؤية جديدة تطلُ بها على العالم تستمد القوة من ذاتها، من تاريخها...من الحب الذي نكنّه في أعماقنا تجاهها فتجسد من خلالها ولادة جديدة

فلا بد من الاتحاد وتكاتف الأيدي والتحرك سريعا

فأي صورة ستتجلى فيه هذه المرحلة؟

لا أحد يعرف سر هذه المدينة!

nadaaljendi@hotmail.fr