انتشال العربية من المأزق.. بقلم: عبد اللطيف الزبيدي

انتشال العربية من المأزق.. بقلم: عبد اللطيف الزبيدي

تحليل وآراء

الخميس، ١٤ يناير ٢٠٢١

هل سيسخط اللغويون جراء هذا الطرح؟ مناهج تعليم العربية منفِّرة. لا شيء أسهل من استفتاء عام في كل مدارس العرب. السؤال: ما رأيك في قواعد اللغة العربية وطريقة تدريسها؟ التلاميذ والطلاب هم أصحاب الشأن، هكذا هي الديمقراطية. كالانتخابات، تجمع كل الآراء وتعلن النتائج.
اللغويون هم حماة العربية حاضراً ومستقبلاً، لكن عليهم إدراك أن المشكلة ليست في النشء الجديد؛ بل في المناهج التي اهترأت. ولّى عهد حفظ عشرات القواعد المعقدة التي لا يشرحها شرحها. لا شك في أن أعسر الأشياء هضماً لدى العقل العربي، مطالبته بالتجديد. في القرن السادس الهجري دعا ابن مضاء القرطبي في كتابه «الرد على النحاة»، إلى إلغاء نظرية العامل في النحو. سنة 2007، نشر أحد اللغويين كتيباً تحت عنوان «عوامل النحو المئة». 
صفحات قليلة لكنها صفعات كثيرة لذهن المتلقي. هذه حبّة من قبّة: «العوامل اللفظية 98 عاملاً. العوامل المعنوية عاملان. العوامل السماعية 91 عاملاً، وهي 13 نوعاً». الرياضيات أرحم. جاء في المقدمة: «لا عبرة بدعوة ابن مضاء إلى إلغاء نظرية العامل». الطريف أنه يثير نظرية المؤامرة؛ إذ يورد رأي بعضهم أن القرطبي فعل ذلك مسايرة لدولة الموحدين التي كانت تخالف آراء المشارقة في الفقه! هرطقات أوجدها النحاة ليجعلوا للنحو فلسفة معقدة، فالفاعل المرفوع هو الذي حكم على المفعول بأن يكون منصوباً. 
هذا ظلم! علماء اللغة الأفاضل يعلمون أن نظرية العامل لا تقوم على أساس علمي. مثلاً: لماذا مئة بالضبط لا 99 ولا 101؟ لماذا الباء لها 13 دوراً؟ هذه الأدوار مستمدة من الاستخدامات في النصوص، من القرآن، الشعر، النثر، فماذا لو عكف الأدباء على ابتكار خمسمئة استعمال جديد، وهكذا؟ هل سنقول إن العوامل خمسة آلاف؟ هذا نحو أم تجارب استكشافية؟ بصراحة، مناهج العربية وصلت إلى نقطة «للصبر حدود». 
على واضعيها أن يستمدوا الحلول من المستحيل: اللغة العامية لها نحوها وصرفها، يولد الإنسان فيتكلمها من دون أن يتعلمها ويتلقى دروساً في إتقانها، أو يصيبه أحد بمصائب تعقيدات قواعدها. كل اللغات هكذا. في المقابل يعبر الصغير المراحل من الابتدائية إلى الجامعة، من دون أن يحسن كتابة صفحة بلا أخطاء.
لزوم ما يلزم: النتيجة القطعية: ألستم حماة اللغة أيها الأفاضل؟ وظيفتكم العثور على الحلول، لكن الأمانة أثقل من الوظيفة.