القوة العظمى.. بقلم: محمد يوسف

القوة العظمى.. بقلم: محمد يوسف

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٢ يناير ٢٠٢١

ما فعلته منصات التواصل الاجتماعي، مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، جرس إنذار يسمعه من لا يسمع.
العالم كله معني بما حدث، فهذه سلطة جديدة، بدأت تجمع الخيوط بين أيديها، بعد سنوات من نثرها عبر الشبكة العنكبوتية، المسماة بالإنترنت، وتمكنت بعد عقد من الزمان فقط، من الانتشار والدخول في تفاصيل كل البشر، وأصبحت الحياة مرتبطة بالهاتف النقال، الأعمال والحسابات والمراسلات والعلاقات الاجتماعية، والألعاب والاتصالات والشراء والبيع، وكل الأسرار الشخصية، كل شيء أصبح يسبح أو يطير في بحار وفضاءات تلك المنصات، التي تطور تطبيقاتها أولاً بأول، وتضيف شروطاً تلو شروط، وتخضع الجميع لها، رضوا أو لم يرضوا، هم مجبرون على الموافقة، ومن لا يوافق، تقطع عنه الخدمة، وهذه عقوبة قاسية ومستبدة.
الغريب أن الدول لم تعترض على تصرفات تلك المنصات، والسبب أنها تعاملت معها في البداية، على أنها «وسائل ترفيه»، شغلت الناس، وخفضت الضغوط عليها، حتى «تغولت» تلك المنصات، وتحولت إلى وسائل إدارة أزمات، وإشعال فتن، وإحداث فوضى، وتحريض وإرهاب علني، وباسم الحرية، وجدت التنظيمات الإجرامية بكل أشكالها، مساحة شاسعة للانتشار، وسواء كانت عصابات تتاجر بالمخدرات أو السلاح، أو تبييض الأموال أو الإرهاب، أو كانت تجارة بالبشر، أو إغواء القاصرين، أو بيع المحظورات من أدوات وأدوية، وقاومت تلك المنصات وضع قيود وطنية من بعض الدول على المحتوى، وعجزت الدول عن مواجهتها!!
ما حدث للرئيس الأمريكي، من مسح تغريداته، وإغلاق حساباته، ليس جرس إنذار فقط، بل نواقيس تدق حتى تصم الآذان، معلنة أن قوة عظمى جديدة، أصبحت تدير العالم، دون سلاح فتاك، ودون صواريخ نووية، ودون تحالفات سياسية وقواعد عسكرية، ودون انتخابات وعضوية مجالس تشريعية.
صحيح أن هذه المنصات أمريكية، لكنها لا تخضع للإدارات المتعاقبة، بل تخضعها لمصلحتها.