في وداع «كورونا».. بقلم: محمد يوسف

في وداع «كورونا».. بقلم: محمد يوسف

تحليل وآراء

الأحد، ٣ يناير ٢٠٢١

كل عام أنتم بخير..
سنة جديدة أطلت علينا، من خلف سنة كان مرها أكثر من حلوها، سنة كانت دروسها قاسية، وهل هناك أصعب وأقسى من أن تُحرَم من احتضان طفل اشتاق لرؤياك؟
سلام من بعيد، وحديث عبر تقنيات الهاتف الحديثة، وانقطاع أب عن ابنه، وأم عن أحفادها، وحجْر ذاتي وطوعي داخل البيت، وتكيُّف مجبر عليه، مع أوضاع لم تعتد عليها، كمامات ومعقمات، وساعات خروج محدودة في أشهر الذروة، وقلوب منفطرة، وعادات أصبحت مستنكرة، لا اجتماعات، ولا احتفالات، وموظف ينام ويأكل ويعمل في قاعة الجلوس ببيته، ومدارس مغلقة.
في البداية، كنا نضحك على ذلك الشيء الذي لا يُرى، جرثومة أو «مكروب» أو «فيروس» يغزو العالم، والعالم لا يكترث له، لا يسمع التحذيرات والتنبيهات ونشرات المنظمات المعنية، رئيس دولة عظمى، قال إنها «إنفلونزا صينية»، معتقداً بأنه قوي بالرؤوس النووية والصواريخ العابرة والأقمار الصناعية، ورئيس آخر قال إنها «مؤامرة إمبريالية»، فقرر أن يواجهها بخطابات نارية، وثالث كان أكثر وضوحاً، منع الفحص والعلاج والرعاية الطبية، وأطلق ما يسمى بمناعة القطيع، ترك الناس يتناقلون الوباء المستشري بينهم، ومن مات، عليه رحمة الله، ومن عاش كان محصناً، كلهم كانوا ينظرون إلى «ووهان» الصينية، وكأنها تقع في كوكب آخر، اطمأنوا، فخدعوا شعوبهم، بينما كان للعقلاء رأي آخر، إنهم يرون «ووهان» على مسافة ساعات عنهم، ويرون الأجواء مفتوحة للطائرات، وسادت الحكمة دولاً كثيرة، وركب الغرور دولاً أخرى، حتى وقعت الواقعة، فإذا بأولئك المستهترين ينضمون إلى قوائم المصابين، فيدخلهم الخوف والرعب، ويعيشون أياماً من «تأنيب النفس»، فقد كان الدرس قاسياً، والثمن غالياً.
سنة 2020، علمتنا ما كنا بحاجة إلى أن نتعلمه، بعيداً عن كل ما وصلت إليه الحضارة البشرية، فهذا عدو غير محسوس أو ملموس، وصمتت كل الأسلحة في مواجهته، حتى انقلبت أحوال الدول والحكومات والشعوب، فإذا بالوباء يفتك بقرابة مليوني شخص، ويصيب أكثر من 84 مليوناً.
كل عام أنتم بخير
أقولها لكم، في لقاء يتجدد، بعد غياب طويل، فدعونا نعِش التفاؤل بهذه السنة الجديدة، ونتشارك في وداع «كورونا».
ودمتم سالمين