بخبراتٍ وطنية...؟.. بقلم: سامر يحيى

بخبراتٍ وطنية...؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٠

 وجهودٍ محلّية تم إنجاز الملفّ الفلاني، وإجراء صيانة للمنشأة الفلانية، وتحقيق الرقم الفلاني من الأرباح والإنتاج، لأنني المدير حققت هذا الإنجاز، أنا أول من قدّم هذا لصالح المؤسسة، وأنا صاحب فكرة هذا القرار، ونحن نقدّم دعماً لهذه المادة، استطعت توفير المبلغ الفلاني، إلى ما هنالك من عبارات نسمعها من الكثير من المسؤولين.
 فكيف يبرّر هذا المسؤول ذلك وهي جزءٌ رئيسٌ من المهام الموكلة إلى مؤسسته من موازنةٍ وخططٍ ومنتجٍ متوقّع، ولم يتجاهل أنّ أيّة مادة، بدءاً من لعبة الطفل وصولاً للآليات الضخمة، يأتي معها كاتالوج يتضمّن مكوّناتها وتفاصيل عملها وتوقّعات أعطالها؛ وهل يدرك أنّ أيّ وفرٍ على حساب الإنتاجية هو خسارةٌ مدمّرة، وكل طلبٍ لرصد مبلغٍ إضافي، مهما كانت مبرّراته، سوء تخطيط وتقصير وفشل، وأيضاً نتجاهل أنّ المهارة هي استخدام وممارسة الشيء بشكلٍ جيّد، وأن الخبرة هي استمرارية هذه الممارسة، وأن الموارد البشرية هي مجموعة العمليات، كالتخطيط والتنظيم والتوجيه والمراقبة للنواحي التي تتعلّق بالأفراد للمحافظة عليهم وتنميتهم وتوعيتهم وإحساس كلٌ منهم أنّه جزءٌ من المؤسسة، كلٌ وفق  تخصّصه، وأنّ عملية التأهيل والتدريب والإصلاح الإداري محورها إحداث تغييرات محدّدة سلوكية وفنّية وذهنية لمقابلة احتياجات محددة حالياً ومستقبلياً يتطلّبها الفرد والعمل الذي يؤدّيه.
إنّنا أحوج ما نكون لإعادة التفكير ودراسة ملياً ما سنقوم به في العام الجديد، والتفكير بكل مؤسسة انطلاقاً من مهامها ودورها وطبيعة عملها، وأن لكلّ مؤسسة خصوصيتها انطلاقاً من أنّ كل منها مكلّف بجزءٍ من مهام إدارة موارد الوطن الموكلة إلى المؤسسات ككل، والتي تختلف في الكثير من النقاط، لأنّها متكاملة وليست متنافسة ولا متضادة، ويجب أن تكون يداً واحدةً لأن الربح والخسارة ينعكس على الجميع، وعلينا الإيمان أنّ العلم والنظرية لا يمكن لهما أن يبنيان مؤسسة، ولا أن يطوّران أداء، ولا أن يسيّران منشأة، إن لم يكونا مقترنين بمهارةٍ وخبرةٍ وأداء منطلق من الواقع، وتفعيل المختبرات وقسم التأهيل والتدريب ضمن المؤسسة نفسها، لأن وطننا ليس في رفاهية كافية، ولا بوضعٍ ماديٍ أو معنويٍ مريحٍ لنخضع لتجارب وتطبيق نظريات الآخر، متجاهلين حرباً إرهابيةً علينا بكل أنواع الإرهاب منذ عشر سنوات، وحصار ومحاولات إعاقة كلّ تقدّم منذ عشرات السنين.
هل نتجاهل أنّ كل مؤسسة فريق عملٍ متكامل، وأنّ تفعيل دور "العلاقات العامة" التي هي صلة وصل بين المؤسسة وجمهوريها الداخلي والخارجي، وتضمّ كافّة المدراء من الإدارة العليا والمتوسطة بشكلٍ دوري لدراسة كل تفصيلٍ، هو العلاج الأمثل لتطوير الهيكل التنظيمي والتوصيف الوظيفي ومضاعفة الإنتاجية ومكافحة الهدر وحسن الإدارة وتوفير المال والوقت وإتقان المنتج، واستنهاض جهود العاملين، وتعزيز مقوّمات الصمود، بدلاً من توجيه النظر لموضوعٍ مختلفٍ، يضيع به الوقت والجهد والمال، وغالباً ما يستند لأبحاثٍ مسروقةٍ، وفكرةٌ غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع، بعيداً عن الابداع والابتكار والانطلاق من الواقع بعصفٍ فكريٍ فاعل، ومن يقوم بجزء ٍمن دوره نعتبره بطلاً إنتاجياً... إلى ما هنالك، ومن ثم نحتاج لوضع فكرةٍ جديدةٍ لفشل القديمة أو نقص بعض الخطوات والتي بدأنا نسمع بمبررات عدم ظهور النتائج بوعودٍ مستقبلية خلّبية تنظيرية.
 لا يمكن لأحد الشك بأنّ التأهيل والتدريب المستمر هو الأساس لإنجاح المؤسسة، ومرونة الهيكل التنظيمي والتوصيف الوظيفي حاجة مؤسساتية ماسة، لكي نضمن مواكبة التقدّم والتطوّر وتوفير متطلّبات المواطن والوطن، وتفويت الفرصة على الأعداء، ولكن لا يمكن لهذا النجاح إن لم ينطلق من كل مؤسسةٍ وفق احتياجاتها الحقيقية، وتكاتف جميع عناصرها ومشاركتهم بكل جزئية، مستفيدين من خبراتهم ومهاراتهم، وتقييم دورهم، وما أكثر الأقسام والمؤسسات المكلّفة بالرقابة والتفتيش والمتابعة، وما أقل النتائج التي نلمسها على أرض الواقع.
هذه المؤسسات نفسها عندما ندخل إليها نفاجئ بحجم المواد المنسّقة أو غير المستخدمة، والمساحات غير المستثمرة، والتشوّه البصري في زاوية ٍما منها، فهل أدرك القائمون على مؤسساتنا بأهمية إعادة التدوير واستثمار كل زاوية وآلةٍ قابلةٍ للعمل، والكوادر المتوفّرة والبطالة المقنّعة، وتجميع المخلفّات وإرسال كلّ ما يتم تنسيقه مباشرة، للمنشأة القادرة على إعادة تدويرها والاستفادة منها، سواءً معادنٌ أو سيارات مركونة على الطريق وحتى آليات وسيارات تكلفة إصلاحها أضعاف ثمنها الحقيقي، والعبوات البلاستيكية والمعدنية والزجاجية، وحتى النفايات بمعالجتها، والأرصفة المكسّرة والاسفلت المتشقّق بإعادة تدويره وترميم الشوارع، ضمن الآليات المتاحة، ولو استطعنا توفير فقط 10% من المواد الخام لعامٍ واحدٍ، نكون قد استطعنا تحقيق بيئة نظيفة خالية من الملوّثات البيئية والبصرية، واستثمرنا أماكن تخزينها، وجدّدنا مؤسساتنا بثمنٍ مختصر، وأعدنا بثّ الروح الوطنية، والاهتمام بموارده وأملاكه، لا سيّما أن المواطن العربي السوري واعٍ، ولا مبرّر لأن نضع له مسامير ومطبّات على الطرقات، والتي يمكن استثمار تكلفتها في تركيب شاخصات منبّهة، وإشارات مرورية، بالتعاون مع المتخصصين بالجامعات والمنشآت الوطنية، مثلاً استبدال الإشارة البرتقالية بمؤقتٍ زمنيٍ وقد جرت تجربتها في محافظة حلب، مما يوفّر العديد من إشارات المرور، ويسهّل على السائق معرفة الوقت لاجتياز أو انتظار الإشارة المرورية، وتكون المراقبة عبر تفعيل وتوفير كاميرات، وشرطي المرور الذي يشرف على حسن تنظيم وسير الحركة المرورية وتسهيلها وتلقائياً سيلتزم جميع أبناء الوطن، إلا الذي بالأصل لن يهتم ولن يلتزم لأنّه غير مسؤولٍ عن صيانة السيارة، ولا دفع ثمن المخالفة، مع أنّ المفترض أنّ تلك المؤسسات التي يتبع لها هؤلاء بطريقةٍ أو أخرى، تلزمهم بأن يكونوا أكثر الناس التزاماً بالقوانين، واحترامها لأنّه يمثّل المؤسسة التي ينتمي إليها، واحترامه للقوانين والأنظمة يعزّز الثقة بين المواطن ومؤسساته والقائمين عليها.
 قد يقول البعض أنّ الرواتب ليست كافية، وهذا صحيح، ولكن لماذا نبقى ندور في دائرة مفرغة، لماذا لا ننهض بأداء أعمالنا المطلوبة منا التي ستؤدي لزيادة الإنتاجية حكماً، وتلقائياً رفع الرواتب، ومن ثمّ نضع نظاماً للحوافز والمكافآت انطلاقاً من الإبداع ومضاعفة الإنتاج وزيادة العائد، ويخضع المقصّر للمساءلة، فنحن بأمس الحاجة للتحليل لا للتبرير، وأن نركّز على السبب والنتيجةٍ بآنٍ معاً وعدم تجاهل أي منهم، وكلّ مؤسسة ودائرةٍ وقسم يقوم بالعمل المنوط به، بما يؤدي لنهوض مقوّمات الصمود وإعادة الإعمار وتأهيل البشر والحجر.
 إن توجيهات وكلمات وخطب قائد الوطن، وخاصّة المتعلّقة بمشروع الإصلاح الإداري، ومؤسساتنا المتخصصة بكل جزئية، وتماسك شعبنا وانتصارات جيشنا، بالرغم من شراسة وتنوّع الحرب الإرهابية على بلدنا، كفيلة بأن تجعلنا أكثر وعياً وإيماناً بوطننا، لنبدع ونبتكر الحلول لمعالجة المشكلات وتحدّي العقبات وإزالة المطبّات ومنع حصول الأخطاء والهفوات، والإيمان بأهمّية الوقت، بالاعتماد على الذات يداً بيدٍ، مواطن مقيم أو مغترب، مسؤول أو عامل، تاجر أو مستهلك، ما دام يحمل لقب مواطنٌ عربيٌ سوري، وعندها سنجد النتائج المبهرة رغم كل محاولات التأييس وزرع الفتن.