التسامح خير وحياة.. بقلم:  د. فاطمة عبدالله الدربي

التسامح خير وحياة.. بقلم: د. فاطمة عبدالله الدربي

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٨ نوفمبر ٢٠٢٠

التسامح عنوان بسيط في نطقه، صعب تنفيذه في الحياة، لأنه قبل أن يكون مصطلحاً هو خلق إنساني لصيق بالفطرة الصافية، وهو شيء عملي ومفيد للغاية. فالتسامح يمنحك التحرر، فكلما تعلمت التسامح اختفت تدريجياً العديد من المشاكل (وربما حتى المشاكل الصحية).
سيكون بإمكانك استعراض حياتك ككل، وسوف ترى أسهل طريقة للوصول إلى المكان الذي تريده، الحياة سوف تفتح أمامك. وسوف تظهر أمامك فرص جديدة في كل مكان، سوف تظهر أحداث سعيدة حين تلتقي الشخص المناسب في الوقت المناسب تماماً.
سوف تأتي لك الأفكار أو الإجابات التي تحتاجها، من خلال تعليق صديق، أو معلومة من كتاب أو مجلة، أو من خلال محادثة تسمعها وتعطيك ما تبحث عنه. لماذا سيحدث هذا؟ لأنك من خلال ممارسة الصفح والتسامح سوف تصبح أكثر انفتاحاً على الخير في الحياة، وسوف يجد الخير طريقه إليك.
للتسامح أثر واضح على كينونة الفرد، والتي تتلخص في رحابة الصدر وتأصيل جذور المحبة والإخاء في النفس البشرية، كما يزيد من الثقة بالنفس، ويحث النفس على تقدير ذاتها، وللتسامح دور عظيم في الحياة، يعمل على تأصيل القيم الاجتماعية بين الأفراد، وينثر بذور المسامحة والتغاضي ومبدأ العفو عند المقدرة، مما يدفع أفراد المجتمع إلى التماسك والتعاضد للسمو به نحو القمة.
التسامح ليس من المفاهيم التي تدخل في الإطار الأخلاقي النظري فقط كما يتصور البعض، بل إنه وكغيره من كثير من المفاهيم والمصطلحات، يدخل أيضاً في إطار الفكر والفلسفة والممارسة العملية، لا يعني التسامح وفقاً للمفهوم الكلاسيكي التنازل عن الحق أو اللامبالاة وعدم الاهتمام واللين والتساهل، بل إن مفهومه المعاصر يعني الاعتراف بالآخر وقبول تنوعه واختلافه سياسياً، ودينياً، وقومياً، وفكرياً، وثقافياً، وحضارياً، لأن الاختلاف سنة كونية عامة بحكم التنوع العالمي والإقليمي والوطني، والذي هو سمة عامة تعيشها وتتعايش معها كل المجتمعات والدول، فكل مجتمع وكل دولة لها قيمها وعادتها وتقاليدها وثقافتها وأهدافها الخاصة بها، بما يجعل التسامح ليس مجرد حق لصاحبه، بل هو واجب عليه أيضاً لضمان التعايش السلمي والتفاعل الإيجابي بين الناس.
ويشكل التسامح ضمانة أساسية للتعايش بين الأفراد واحترام حقوق الإنسان وتعزيز الثقافة والهوية الوطنية، إلى جانب تعميق قيم الولاء والانتماء للوطن وقيادته، لذلك عملت قيادة دولة الإمارات على جعل هذا الفكر ثقافة يومية ينتهجها المجتمع الإماراتي بكل أطيافه، مما انعكس إيجابياً على ضمان الأمن والاستقرار الداخلي الذي تنعم به دولة الإمارات بوصفها وجهة مفضلة للعيش للجميع من مختلف بلدان العالم.
ولا يتعزز خيار التسامح إلا بتنازل القوي للضعيف، ليس بقصد التسلط على الضعيف، وإنما بقصد نشر الرفاه الاجتماعي الحقيقي، وهو عبارة عن خطوات منظمة لإحقاق مصداقية حقيقية للتلاقي بين مختلف الأطياف في الدولة.