إنه الإنسان الشغوف.. بقلم: شيماء المرزوقي

إنه الإنسان الشغوف.. بقلم: شيماء المرزوقي

تحليل وآراء

السبت، ١٤ نوفمبر ٢٠٢٠

في البعض من الأحيان تتبادر للذهن أسئلة مثل: كيف تطور الإنسان؟ أو كيف تمكنت البشرية من تحقيق كل هذا الرقي والتطور العلمي والمعرفي؟ ما هي العوامل والوسائل التي مكنت الإنسان من الصعود والتميز عن باقي المخلوقات التي تعيش على الأرض؟ مثل هذه الأسئلة ليست حديثة أو جديدة، بل طرحت منذ القدم وحتى عصرنا، وتأتي بصيغ مختلفة. فضول الإنسان وسعيه للمعرفة من عوامل هذا التفوق والتفرد والتميز، يمكن ملاحظة هذا الفضول نحو المعرفة، بل الشغف بأن يكون الإنسان على اطلاع ومعرفة بكل شيء، من خلال ظهور ما تعرف بالخرافة.
عند دراسة الخرافات لمعرفة كيف نشأت وظهرت وانتشرت تجد أن السبب الرئيسي احتلالها مكان الحقيقة، مكان العلم، ببساطة متناهية كانت الخرافة اختراعاً جيداً ومناسباً من الإنسان ليعوض جهله وعدم معرفته، وبدلاً من الاعتراف بهذا الجهل، استعاض بالتفسيرات الخاطئة التي أسقطها على الواقع ثم آمن بها، وهي ببساطة متناهية غير صحيحة نهائياً.
عندما احتار الإنسان في معرفة طبيعة المرض النفسي، وصل لتفسير بأنها أرواح شريرة تتلبس بالإنسان وتسيطر عليه، وعندما عجز عن معرفة سبب الكثير من الظواهر الطبيعية، ذهب نحو القصص والخيال ليجد تفسيرات تهدئ روع عقله، وعندما لم يفهم المرض وكيف يتخلص منه، وجد في البعض من الممارسات والأعشاب حلولاً مؤقتة، بل عندما اكتشف النار وظهرت فائدتها العظيمة التي لا تقدر بثمن، أثرت على مجمل حياته ونقلته لمرحلة متطورة جداً حيث تغلب على الحيوانات المفترسة التي كانت تهدد بقاءه، ولأنها أيضاً مكنته من طهي طعامه وساعدته في البناء والتعمير. أمام كل هذه الفوائد العظيمة، وأمام عدم معرفته بالنار لم يفهم قوة لهبها ولا كيف تشتعل ولماذا هي بهذه الوضعية، قرر عبادتها.
يمكن أن نجد ملامح كثيرة وقصصاً تاريخية عديدة تتحدث عن التفسيرات الخاطئة للإنسان أمام الكثير من الظواهر والأحداث التي وقعت، ولم يتركها دون محاولة الفهم، لأن الإنسان مولع بالمعرفة والعلم، والفضول والشغف وهي العوامل التي دفعته للاكتشاف والمراقبة والتأمل، هذا الشغف لن يتوقف أو لن يتم إشباعه، فكلما حققت البشرية سبقاً أو كشفاً جديداً فتح المزيد من المجالات للبحث. على سبيل المثال عندما فتحت نافذة علوم الفضاء، انبثقت منها نوافذ علمية أخرى: علم الكواكب والمجرات، علم طب الفضاء، علم صواريخ الفضاء... إلخ. إنه الإنسان الشغوف، فليكن هذا الشغف جزءاً من تفكيرك وسعيك.