المهارات الناعمة.. بقلم: سامر يحيى

المهارات الناعمة.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ١١ أكتوبر ٢٠٢٠

المعرفة والخبرة بقواعد وأسس العمل المؤسساتي والهيكل التنظيمي والتوصيف الوظيفي بجودةٍ وإتقان، جزءٌ أساس في قيامها بالمهام الملقاة على عاتق المؤسسة، لكنّه يحتاج لمهاراتٍ ناعمة، تستثمر تلك المعرفة والقواعد والأسس لمنع الهدر وضغط النفقات وتوفير الوقت والجهد والمال ومضاعفة العملية الإنتاجية، ضمن فريق عملٍ منتج، وتواصل إيجابي بنّاء مع جمهور المؤسسة الداخلي والخارجي، والمبادرة في الابتكار والإبداع للحلول والتنمية المستدامة.
فمن الضروري أن تتوفّر تلك المهارات لدى العاملين بالمؤسسات الحكومية، إضافة لصناعة رأيٍ عام ضمن المؤسسة نفسها لتوجيه عامليها الطريق السليم، فكما أنّ الحاسب الآلي كلّما تناغمت مكوّناته الصلبة مع الخوارزميات والبيانات المدخلة، كلّما أعطى نتائج أكثر دقّة، ينطبق ذلك على المؤسسة لتكون أكثر قدرةً على إنجاز المهام وتوفير المخرجات الإيجابية رغم كلّ الظروف وفق تناغمٍ وتفاهم وتعاضد بين كافّة الموارد المادية والبشرية للمؤسسة بما يؤدي لسدّ الثغرات، وإزالة الفجوات والتجاوزات واستقطاب الآخر لصالح المؤسسة وتطوير أدائها وإنتاجيتها، ومن المنطقي أن تكون دائرة العلاقات العامة صلة الوصل التي تساهم في تفعيل هذا التناغم والتكامل بين كافّة المكوّنات الصلبة والناعمة، ضمن الإمكانات والموارد المتوفرة، للعمل وتحدّي آفتي الإرهاب والحصار، وأدواتهما من فساد وسوء إدارة، لخلق بنيةٍ تحتية نقيّة تساهم في نموّ البذرة الصالحة، ومعالجة البذرة الفاسدة وإزالة ما لا يمكن إصلاحه، لنحصد ثماراً ناضجةً.
وكون كل مؤسسةٍ لديها مسؤولية إدارة جزءٍ من موارد الوطن بحكمةٍ وحنكة، ليكتمل الجزء في الكل، بتوفير متطلّبات أبناء الوطن واستثمار مستديمٍ لموارده، فعليها البحث عن مصادر دخلٍ لها، وزيادة انتاجيتها بحسن إدارة الموارد، بعيداً عن العشوائية والروتينية والرتابة، فلا يفيد التفكير بزيادة الرواتب، إن لم تقابلها مضاعفةً في الأداء وزيادة الإنتاجية، وضبط الأسعار وتوفير المواد، ولن يحقّق إعادة الدعم لمستحقيه الغاية منه، إن لم يشمل كافّة أبناء الوطن، دون استثناء، واستثمار الجهود كلٌ ضمن إمكانياته وقدراته، بدلاً من تقسيم أبناء المجتمع إلى شرائح وهذا يستحق وذاك لا يستحق، ونسمح لضعاف النفوس والانتهازيين وأعداء الوطن بالتسلل من هذه الثغرات، علينا الاستفادة من البطاقة الذكية لمنع الازدحام، وتوفير الموارد، وتقديم إحصائيات حقيقية تمكّن المؤسسات الوطنية من إدارة النقص بحكمة والبحث عن كافة الوسائل لتأمين احتياجات المواطن وتوفير الاحتياطي الكافي لتفادي الوقوع في أزماتٍ مستقبلاً مهما كانت الظروف، والضريبة على كل فردٍ للمساهمة بدعم الموازنة، لأنّه لن تغنِ أو تفقر رجل الأعمال إن اشترى الخبز أو موارد الطاقة بالسعر المدعوم أو السعر العالمي، لأنّه تلقائياً سيحمّل التكاليف التي أضيفت إلى منتجاته أنّى كانت، وبالتالي يتحمّل المواطن أضعاف ثمن المواد التي قدّمت له مدعومة، ويخلق فجوةً كبيرةً ويزيد الفقير فقراً والغني غنىً والطبقة الوسطى ـ إن وجدت ـ ستتقلّص لصالح إحدى الطبقتين، على حساب الوطن وأبنائه؛ مما يؤكّد أهمية التوزيع السليم استناداً للرقم الوطني الذي يحمله كلّ مواطنٍ، ومنشأةٍ وآليةٍ ومركّبةٍ وثروةٍ زراعية وحيوانية وعلفية...، وبالتالي تتحقّق العدالة الاجتماعية، وتستثمر كافّة جهود أبناء الوطن، وبدلاً من قطع الدعم عمّن نقول لا يستحقّه، أنّ نستثمر جهوده في استثمار موارد الوطن كلٌ ضمن القطّاع الذي يعمل فيه، وبالتالي نتمكّن من إدارة النقص لا الإدارة بالنقص، وتوفير الاحتياجات الحقيقية والاحتفاظ باحتياطٍ كافٍ، لا البحث وانتظار الظروف لتحميلها خطأ أو تقصيرٍ مننا كأشخاص، واستخدام التكنولوجيا لتكون عاملاً مساعداً بعملية الإنتاج، لا زيادة نفقات ووضع عقبات وتأخير....، او اتهام المواطن بالهدر والإسراف بدلاً من أن نخلق وعياً مجتمعياً لحسن إدارة واستثمار الموارد، وعندها لن نحتاج لأشهر ولا سنواتٍ للنهوض، بل سنصل لما نصبو بالشكل الأسرع والحاجة الحقيقية التي تلبّي كافّة متطلّبات أبناء المجتمع، لأنّ كل مواطن يتكلّم بنفس النقاش والحديث.
علينا أن ندرك أنّه شتّان بين النوايا السليمة والشعارات الوطنية التواكلية دون عملٍ ووعي ووطني، وبين التفكير المنطقي والعقلي القائم والمدروس على كلّ التساؤلات والافتراضات، بعيداً عن العشوائية؛ ودور الفريق الاقتصادي ليس مجرّد نقاشٍ في هذا الموضوع وذاك وأخذ قرارٍ، بل أيضاً التنسيق والتواصل بين كافة المؤسسات ورجال الأعمال كلّ ضمن تخصصه، عبر متابعة جدية على أرض الواقع لتفعيل العملية الزراعية والإنتاجية بكل المجالات، لنضمن حقوق الوطن والمواطن والتاجر والمستورد والمصدرّ والمنتج بآنٍ معاً، بعدالة مجتمعية، وفائدة وطنية، وتحويل مؤسسات الحكومة إلى موجّه ومرشدٍ ومشاركٍ أساس في توفير المواد، لا تحويلها لمجرّد منظّر أو معوّق، أو تاجر، فيساهم الجميع في تنمية المجتمع واستثمار ثرواته وتلبية احتياجاته، على سبيل المثال السورية للتجارة يكون دورها الأساس ضبط السوق، والتشاركية في ضبط الأسعار، وتوجيه الاستثمارات وفق احتياجات المواطن، وتمثيل المنتَج السوري داخل وخارج سورية، لا مجرّد تاجرٍ منافسٍ في السوق لا موجّه ومبادر ومنتج، لا سيّما أن نستثمر الجهود التي تبذلها إدارتها التي تعمل على مدار الساعة لتوفير المواد والتوسّع على مستوى التراب المقدّس، مقارنةً بأية مؤسسة أخرى تستسلم للروتين اليومي والورقيات واطلاق تصريحات بلا نتائج إلا ضمن سير الحياة الطبيعي.
الحصار والإرهاب مستمرٌ وسيستمر على سوريتنا، ويبذل كل الجهود لزعزعة استقرار الوطن بما فيها استغلال ضعف نفوس بعض من أبنائه وبث اليأس فيهم، وخلق أعداءٍ لهم من أنفسهم، لتشتيت جهودهم وقواهم، ما دام الشعب العربي السوري محافظاً على كرامته، وما دامت الجمهورية العربية السورية قلب العروبة النابض.