المشروع العثماني الاردوغاني من سورية إلى ليبيا فشرق المتوسط.. بقلم: د.عادل خليفة

المشروع العثماني الاردوغاني من سورية إلى ليبيا فشرق المتوسط.. بقلم: د.عادل خليفة

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٠

منذ وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة في سنة ٢٠٠٢، وتركيا تضع سياسة طموحة لها تجاه الشرق الأوسط، وعادت أحلام الأتراك الى احياء العثمانية الجديدة، فقد استفادت تركيا من حالة الفراغ الجيو استراتيجي التي تعاني منها دول المنطقة العربية، كما استفاد غيرها من القوى والدول الأخرى للدخول الى هذه المنطقة وفرض توازنات جديدة.
من سوريا الى ليبيا انطلق مشروع العثمانية الجديدة للرئيس التركي رجب طيب ردوغان عملا بمذهب احمد داود أوغلو وزير الخارجية السابق. بأن: العثمانية الجديدة هي دعوة للانفتاح على العالم الإسلامي وعودة تركيا الى الشرق بعد ان كانت تستجدي عضوية الاتحاد الأوروبي.
فما هي المبررات للعودة التركية الى العالم العربي؟وهل يقف العرب مكتوفي الأيدي امام تلك العودة؟ولماذا يفشل العرب حتى الان في صد تركيا؟ وهل سياسة تركيا تعتبر استعمارا جديدا؟ هل يريد اردوغان محو ارث كمال اتاتورك صانع العلمانية التركية والانفتاح على الغرب ؟او ربما يريد الانتقام له ضد القوى الأوروبية التي مزقت السلطنة وبالتالي الخروج من بعض المعاهدات الدولية ؟
تشير كل الأعمال التي تقوم بها تركيا عسكريا وسياسيا ان انقرة تريد احياء الماضي الإمبراطوري للسيطرة على دول عربية كانت قد استولت عليها السلطنة بالقوة العسكرية وزيادة نفوذ تركيا في المنطقة العربية، والتي عانت من التخلف والجهل بسبب المجتمع الانتشاري العسكري المسيطر آنذاك وبسبب عدم ترافق القوة العسكرية العثمانية مع نهضة ثقافية وعلمية كما كان حاصل في أوروبا.
وفي سبيل تفعيل نفوذها وهيمنتها على المنطقة فازت تركيا بالحصول على عدة قواعد عسكرية في خمس دول عربية من قطر وليبيا الى سوريا وصولا الى السودان على البحر الأحمر والصومال وكلها مناطق استراتيجية لفرض نفوذ إقليمي بل عالمي .وتركيا التي تقود وتمثل تيار الإخوان المسلمين تأخذه وسيلة أيضا لبسط نفوذها في الدول العربية من تونس مرورا بمصر وصولا الى قطر ر والسودان.
لكن الدافع الأساسي للحلم الإمبراطوري لأردوغان له جذوره في تركيا نفسها وعلى هذا النحو غالبا ما يتم تقديم عدة تفسيرات لشرح هذا الطموح التركي في اعادة الحلم الإمبراطوري في المنطقة العربية وعلى حسابها:
١-السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية ونية التوسع في دول الجوار واحياء العثمانية الجديدة
٢-فشل الدخول الى أوروبا بعد محاولات كثيرة بدأت منذ عام ١٩٧٨.
٣-الحدث الحاسم للسياسة الخارجية هو نهاية الحرب الباردة وانتهاء الدور التركي المتقدم كموقع للناتو في مواجهة الاتحاد السوفياتي.
٤-الحدث الثاني هو أحداث ١١ايلول التي جعلت من تركيا تتولى دورا وسيطا عندما اعتبرها الاميركيون تمثل الإسلام المعتدل قبل ان تصبح البوابة الأساس لإعادة الاتصال بالعالم الإسلامي .
٥-ثم جاءت احداث الربيع العربي لتعطي الفرصة الذهبية لتركيا لتحقيق الحلم ،فقدمت عندها كل أنواع الدعم لما يسمى الإسلام السياسي ممثلا بالإخوان المسلمين من أجل الوصول الى السلطة في بعض الدول العربية. وطبعا قدم هذا المشروع باعتباره البديل الأمثل لدول المنطقة ولإخراج شعوبها من عقود من التسلط والاستبداد، وقادت تركيا هذا المشروع لتصبح النموذج والقدوة للإسلام السياسي المعتدل ولتنطلق منه لتحقيق الحلم الامبراطوي. لذا أصبحت المنطقة العربية ولا تزال بمثابة حقل تجريبي ومختبر للدبلوماسية الجديدة ولعلاقات انقرة بالمنطقة بل والعالم.
لكن يبدو ان السياسة التركية للعودة الى المسرح الإقليمي وبقوة دونه عقبات وعرضة للخطر اكثر من اي وقت مضى فقد فشل اردوغان في إسقاط بشار الاسد وكما فشل في تحقيق أهدافه في سوريا كذلك في العراق، لذلك انطلق الى ليبيا فلجأ الى القوة العسكرية مقرونة بإرسال مقاتلين وإرهابيين الى طرابلس الغرب .كما وان الثورات المضادة التي قامت في كل من مصر وتونس ودول أخرى أدت الى عزل تركيا كدور ووسيط محتمل في المنطقة.
يوجد عامل اخر وذو فعالية كبيرة في أضعاف الدور التركي وهو عودة فرنسا وبقوة الى المنطقة من البوابة اللبنانية ،فلقد ادى التنافس التركي الفرنسي الى اشتعال شرق المتوسط بالتوترات بين اليونان وتركيا ومصر وقبرص. ثم دخلت أوروبا على الخط فهددت بفرض عقوبات على انقرة اذا لم تتراجع عن التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط.
ختاما وعلى الرغم من كل الصعوبات الحالية لا يزال اردوغان يعيش اوهام استعادة الإمبراطورية ، وهو لا يزال لاعبا اقليميا مع الروسي والإيراني في الأزمة السورية والعراقية ويتمدد في ليبيا من خلال امداد المليشيات المسلحة بالمال والسلاح كذلك الأمر تتوغل عسكريا في سوريا والعراق وتتدخل في اليمن من خلال دعم الإخوان .كل هذه المعطيات تؤكد ان التمدد التركي في دول المنطقة لا يزال قائما لكن دونه عقبات كما ذكرنا وبخاصة في منطقة تشهد صراعا كبيرا على النفوذ بين قوى دولية كبرى ودول إقليمية تفتش على دور ونفوذ.
ويبقى السؤال المشروع هل يمكن لتركيا ان تتحرك في شرق المتوسط دون موافقة أميركا ؟وما سبب الصمت الاميركي لصراع حليفين. لها في المنطقة تركيا واليونان؟ان غد لناظره قريب
5 نجوم