إدارة النقص..؟!.. بقلم: سامر يحيى

إدارة النقص..؟!.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٣ سبتمبر ٢٠٢٠

لنتمكّن من تجنّب الوقوع في المشكلات، وتفادي الأخطاء والعثرات، وجسر الهوّة بين المواطن ووطنه، علينا التنبّه لخطورة الوعود غير المجدية، مهما كانت نابعة من إرادة حقيقية ورغبة جامحة بالتنفيذ، وبالتالي الانطلاق من الإمكانيات المتاحة، والموارد المادية والبشرية المتوفّرة، مستفيدين من الماضي وتجاربه والمشكلات والمعاناة والنجاحات التي حقّقناها على مدار السنوات الماضية، رغم الحصار والإرهاب والظروف المحيطة، والواقع الراهن، للاستعداد لتوفير متطلّبات الحاضر والمستقبل معاً.
البيان الحكومي ليس مجرّد كلامٍ إنشائي، ولا قصٌ ولصقً ونقل وتعديل وتطوير، إنّما هو خطّة عمل ممنهجة تستند لحقائق منطقية، وأرضية مدروسةٍ بشكلٍ محكم، نابعةٌ من أرض الواقع، والظروف المحيطة، والفرضيات للنتائج المتوقّعة، ومن ثم تخضع للتصويب والتطوير والتحديث خلال أول مائة يومٍ عمل لتستكمل أركانها من كافّة الجوانب، ومن ثم تبدأ مرحلة الإنتاج الحقيقية الجدية مستكملة الأركان متكاملة الجوانب، ويمكننا أخذ العبر من قصّة يوسف وأخيه، التي تشبه وضعنا، فالوطن العربي تلك المنطقة الممتدة على أربعة عشر مليون كيلو متراً، بإمكانياته وموارده البشرية والمادية والبنية التحتية، ما يجعله امبراطورية متكاملة الأركان، وسوريتنا التي هي قلب هذه الإمبراطورية، وصمّام الأمان لها، واستمرار ترسيخ جذورها، عمد أعداء الإنسانية ـ وإن تبجّحوا بغير ذلك ـ على فعل كل ما يسيء لهذه المجتمعات، وما يساهم في تدميرها وتفتيتها وبث اليأس في نفوس أبنائها، وجعلهم يحلمون برغيف الخبز وموارد الطاقة، وإفراغها من طاقاتها، وغرس فجوةٍ بين المواطن ووطنه.
إنّ هذا الاستهداف والمؤامرة ضد هذه البقعة المقدّسة من الأرض، باتت واضحة، فعلينا التمتّع بالوعي والحكمة والحنكة للتصدّي لهذه المؤامرة، وعدم السماح باستكمال تطبيقها على أرض الواقع، بهدف النهوض بوطننا، وإن كانت مسؤولية مجتمعية يتحمّلها الجميع بما فيها كلّ أسرةٍ، ولكن بكل تأكيد المؤسسات الوطنية هي التي تتحمّل هذه المسؤولية والمفترض أن تتصدّى لها، ليس بالنظريات والخطابات والشعارات، إنّما بالعمل والإبداع وبذل كل الجهود من أجل استثمار تلك الموارد، كلٌ في تخصّصه واختصاصه، وبالتالي تحدّي المعوّقات، وتوفير الاحتياطات، وإثبات قدرتنا على الإنجاز، واجتراع الحلول لكلّ المشكلات التي نتعرّض لها، والتصدّي لكل الأزمات التي نمرّ أو سنمرّ بها، وإعداد العدّة وبذل كل جهدٍ ممكن، لضغط النفقات ومنع الهدر، وتلبية متطلّبات أبناء الوطن الأساسية لكي يتّجهوا للبحث والإنتاج والتسلّح بالعلم والمعرفة والإبداع.
 والتساؤل المطروح، هل يصعب على المؤسسات الوطنية أن تدرس بشكلٍ هادئٍ ومنطقيٍ ووضع الفرضيات وما سينتج عنها في كل موضوعٍ يحقق العدالة المجتمعية لكافّة أبناء الوطن، وتعزيز الانتماء الوظيفي، وتدعيم عملية الإصلاح الإداري، فمثلاً "البطاقة الالكترونية" التي باتت الشغل الشاغل للجميع، ووسيلة تندّرٍ رغم أنّها تستخدم في دولٍ أخرى ولكن بطريقةٍ وأسلوب مختلف، مما يستوجب أن تكون تابعيتها لمديرية الأحوال المدنية، بهدف المساهمة في توفير بنية تحتية أكثر دقّة وشمولية، واستكمال البيانات والمعطيات بشكلٍ متكامل بما يساهم بربط البطاقة العائلية لكلّ أسرةٍ والرقم الوطني لكلّ مواطنٍ ومنشأةٍ ومشروعٍ صغيرٍ أو كبير أو آليةٍ أنىً كانت ملكيتها وتابعيتها خاصّة أو حكومية، وبالتالي تسهيل عملية تقديم الخدمات والموارد بطريقة مدروسة ومعروفة النتائج التقريبية مسبقاً، إضافةً إلى وضع بندٍ يتضمن آخر مسافةٍ مقطوعة من قبل السيارة، سواءً كانت خاصّة أو عامّة وحتى درّاجة ناريةٍ، بما يساهم بتدقيق المخرجات استناداً للمدخلات، ويقضي على سرقة موارد الطاقة والطحين وما شابه، وتوزيعها بالشكل الحقيقي والسليم بنسبة لا تقلّ عن 90% كحدٍ أدنى، وبالتالي نستطيع إدارة النقص بشكلٍ يلبّي الرغبات، ويتلازم مع الموارد، ويوفّر للمواطن مسلتزماته بعيداً عن الازدحام. مثلاً من الممكن أن صاحب آلية يمكنه التعبئة ثلاث مرّات في الشهر ضمن المخصصات المتاحة له، بكامل استيعاب خزان الآلية لديه، وبالتالي لا يضطر للوقوف على الدور أكثر من مرة حتى تنتهي حاجته الفعلية، يتم تغيير هذه الآلية، وبالتالي نقضي على الأزمات ونوفّر الموارد ونحافظ على الاحتياطي، آخذين بالاعتبار كلّ الظروف المتوقّعة وغير المتوقّعة، وبالتالي تتكوّن لدينا دراسات وإحصائيات تشكّل قاعدةً حقيقية للانطلاق الصحيح من خلالها، بما فيها مؤسسة الجباية الضريبية...
هل نتجاهل كاميرات المراقبة التي من المفترض أن توجّه بالشكل السليم نحو مطارح المدخلات والمخرجات في محّطات الوقود أو الأفران وتوزيع المواد التموينية، فتشكّل داعماً رئيساً لعملية توزيع الموارد عبر البطاقة الالكترونية، لا سيّما إن توفّرت توزيع الموارد على كلّ مؤسسة حكومية استناداً لحجم العاملين لديها، وحتى لذويهم وأقاربهم لتخفيف الازدحام عن المنافذ الأخرى، وإعطائهم دفعاً معنوياً لاهتمام مؤسساتهم بتلبية متطلّباتهم، بما فيها موارد الطاقة، وصرّفات آلية إلى ما هنالك ...
إن الجمهورية العربية السورية، لم تنتظر يوماً دعماً من حليفٍ أو صديقٍ، إنّما تبذل كل جهد لاستثمار مواردها بالشكل الأمثل، وبالتالي علاقتها مع الجميع تكون انطلاقاً من علاقة الندّ للند، وينعكس ذلك على التفاعل والتعاون وتبادل المصالح في المجال التجاري والصناعي والاقتصادي والمعرفي والعلمي... لصالح جميع الأطراف، وبنفس الوقت تعزيز ثقة المواطن بوطنه واستثمار أمثل لموارده البشرية مقيمٌ أو مغترب كلٌ من مكانه، وقطع الطريق على كل من يحاول بث السم بالدسم وتشويه سمعة الوطن وأبنائه، واستغلال طاقاته وموارده أو تدميرها.