النفط الليبي ..الورقة الصعبة في المعادلة الليبية.. بقلم: روعة قاسم

النفط الليبي ..الورقة الصعبة في المعادلة الليبية.. بقلم: روعة قاسم

تحليل وآراء

الاثنين، ٢١ سبتمبر ٢٠٢٠

لطالما كان النفط الليبي هو المؤثر والمعطى الأهم في كل توجهات وتحركات القوى العالمية الفاعلة في الملف الليبي. فليبيا التي ترقد على بحيرات من النفط وتضم تاسع أكبر احتياطي نفطي في العالم، كانت ضحية "الذهب الأسود" الذي تحول الى نقمة عليها بسبب صراع القوى الإقليمية والخارجية على معادلات النفط الليبية والتحكم بإمداداته ومنابعه.
 تعثر التسويات
وعلى مدى الأعوام الماضية، ورغم كل مبادرات التسوية الخارجية، بدءًا من اتفاق الصخيرات الى اتفاق باريس 1 و2 واتفاق برلين وغيرها، من الواضح أنه لم تكن هناك إرادة دولية حقيقية لإنهاء هذا الصراع باعتبار أن التسويات حول تقاسم النفوذ لم تحقق نتائج ترضي مصالح المتصارعين. ويبدو أن التركيز الغربي كان منصبا على ابعاد مناطق النفط عن أية توترات والتوصل الى تفاهمات بشأنها.
فليبيا التي تحتل المرتبة التاسعة بين عشر دول ولديها أكبر احتياطات النفط العالمية، كان معدل انتاج النفط فيها قبل ثورة فبراير 2011 يصل الى 1.65 مليون برميل. لكن بعد وقوع الأزمة الليبية انخفض انتاج النفط، ووفقًا لبيانات منظمة الدول  المُصدرة للنفط "أوبك" فإن صادرات النفط الخام الليبي بلغت 998.6 ألف برميل يوميًا في سنة 2018.
وجاء اعلان خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا عن رفع حصاره عن منشآت النفط الليبية الذي استمر ثمانية أشهر وكذلك الإعلان عن اتفاق عادل على تقسيم ايراداته مع حكومة طرابلس المناوئة له، ليدل على حجم ورقة النفط وأهميتها في الصراع الليبي وأنه لا يمكن فهم الأزمة الليبية دون ادراك خارطة انتاج النفط ومن يتحكم بها ومن يسيطر عليها.
الهلال النفطي ..كلمة السر
يتركز جلّ ثروات النفط الليبي أي حوالي 60 بالمئة من الصادرات النفطية الليبية ضمن ما يسمى بمنطقة الهلال النفطي التي تضم أهم موانئ ليبيا النفطية، وتمتد على طول 250 كيلو متر على البحر المتوسط بين سرت وبنغازي. وتحتوي 16 حقلًا منتجًا منها حقل السرير أكبر حقول ليبيا إنتاجًا على الإطلاق. وتضم 4 موانئ رئيسية هي ميناء الزويتينة والبريقة ورأس لانوف والسدرة. كما أن هناك عدة أحواض تحتوي على النفط في منطقة غدامس الواقعة في الشمال الغربي، وحوض مرزق الواقع في الجنوب الغربي وحوض بحري يقع في المياه الليبية إلى الشمال الغربي باتجاه مدينة صبراتة.
والمعلوم أن قوات اللواء خليفة حفتر تسيطر على منطقة الهلال النفطي. في حين أن إقليم طرابلس وما فيه من موانئ نفطية يخضع لسيطرة حكومة الوفاق وهذه المنطقة تحتوي على حقلين بحريين للنفط والغاز.
وفي الجنوب أو ما يعرف بإقليم فزان، تخضع بعض الأحواض لسيطرة حفتر في حين أن بعضها تابع لقوات حكومة الوفاق.  
واللافت أن مؤسسات النفط الحكومية الليبية كانت هي أيضًا جزءا من هذا الانقسام السياسي الذي يحكم المشهد الليبي، اذ ان هذه المؤسسات منقسمة في ولائها بين حكومة الوفاق في طرابلس أو الجيش الليبي بقيادة حفتر في الشرق. مما عقّد أكثر الوضع وعطل انتاج النفط طيلة الأعوام الماضية.
وقد يشكل التوصل الى اتفاق حول تصدير النفط الليبي وتقاسم عائداته حجر الأساس نحو إيجاد تسوية شاملة تنهي هذا الصراع الليبي المتواصل منذ أعوام باعتبار أن مفتاح سر هذه الأزمة وأحد أهم محركاتها هو السيطرة على النفط الليبي وتقسيم غنائمه.