نيران ترامب الانتخابية.. بقلم: علي قباجه

نيران ترامب الانتخابية.. بقلم: علي قباجه

تحليل وآراء

الأحد، ٣٠ أغسطس ٢٠٢٠

يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إطلاق نيرانه في كل اتجاه؛ إذ لم يسلم منها خصومه ووسائل الإعلام والدولة العميقة، في محاولة مستميتة للفوز بانتخابات 3 نوفمبر المقبلة، وازدادت مخاوفه مع ظهور مؤشرات قوية على تقدم غريمه الديمقراطي جو بايدن في استطلاعات الرأي؛ إذ وبحسب الاستطلاع الذي أجراه الموقع الأمريكي «ريل كلير بوليتيكس»، فإن بايدن يتصدر السباق الرئاسي بفارق 7.6% في جميع أنحاء البلاد.
ترامب المتخبط في سياسته التي لم تلق رواجاً، داخلياً أو خارجياً، يحاول في ما تبقى من أيام تسبق الانتخابات، إقناع الأمريكيين بإعادة انتخابه عبر اتباع أسلوب متناقض، تمثل في الدفاع المستميت ثم الهجوم المندفع، فهو يحاول التنصل من مسؤولياته في مواجهة تداعيات «كورونا»، بعدما رأى حظوظه تنخفض جرّاء الغضب الشعبي الأمريكي من سياساته التي لم ترق لدرجة المسؤولية في مواجهة الفيروس الذي أودى بحياة 175 ألفاً، فألقى بالتهم جزافاً على الديمقراطيين والدولة العميقة، محملاً إياهم مسؤولية إبطاء اختبارات لقاحات «كورونا» وتأخيرها، مؤكداً أنهم يتعمدون ذلك لما بعد 3 نوفمبر بهدف إضعافه.
على الرغم من أن ترامب أظهر حرصاً على تجنيب الأمريكيين تداعيات «كورونا»، فإن ذلك كان من باب كسب المواقف لا غير؛ إذ إنه يناقض نفسه فهو من ناحية يؤكد أنه سيجد ترياقاً ينقذ به أرواح شعبه من تداعيات الفيروس، ومن ناحية أخرى يرفض الانتخابات عن طريق البريد على الرغم من أنها الطريقة الأسلم لحفظ الأمريكيين من ذلك الخطر، معللاً رفضه بأن الديمقراطيين يروّجون للتصويت عبر البريد بهدف التلاعب بالنتائج؛ ذلك لأن الفرز يتسم ببطء، وهو ما يمنحهم فرصة للتزوير؛ بل إن تصريحاته في هذه النقطة تجاوزت المبدأ الديمقراطي القائم في البلاد، حاملاً العقلية الديكتاتورية كبعض رؤساء العالم الثالث، عندما استخدم أسلوب الترويع والتخويف أمام «مجلس السياسة الوطنية» المحافظ قائلاً: «لن تكون هناك نتيجة لفرز الأصوات في 3 نوفمبر، برأيي، لن يكون بإمكانكم معرفة نهاية هذه الانتخابات لأسابيع أو شهور، وربما إلى الأبد».
مع اقتراب الانتخابات بات ترامب معزولاً؛ إذ تخلى عنه محاميه السابق مايكل كوهن، وتعاون مع فريق المحققين الفيدراليين، وتجلت عزلته أكثر مع ملاحقة القضاء للمقربين منه لتضييق الخناق عليه، وتقليص مساحة قراره إلى أضيق حلقة ممكنة، لكن الرئيس الأمريكي أطلق «حرباً كلامية»، فهو أولاً تنصل من علمه بتصرفات محاميه، واتجه للضغط بورقة الاقتصاد، فقد اعتبر في تصريح لقناة «فوكس نيوز» أن المحافظة على نشاط الأسواق المالية في الولايات المتحدة مرهونة ببقائه في السلطة، مؤكداً أنه في حال عزله، فإن الأسواق ستنهار.
ترامب محاط بالخصوم، وإرثه متخم بالثغرات، فالاستخبارات الأمريكية وقيادات في الجيش والعديد من الوزارات، إضافة إلى أعضاء من حزبه غير راضين عن أدائه، وهو في المقابل لن يستسلم، ولن يتوانى عن تجاوز المحرمات في سبيل أهدافه السلطوية حتى لو تطلب ذلك تقسيم أمريكا، وإفقاد هيبتها داخلياً وخارجياً.. فإلى أين يسير ترامب ببلاده؟