كورونا وجحر السوريين المظلم .. بقلم: ميس الكريدي

كورونا وجحر السوريين المظلم .. بقلم: ميس الكريدي

تحليل وآراء

الخميس، ٦ أغسطس ٢٠٢٠

يزداد العالم اختناقاً
وتتراجع كل أشكال التواصل 
لتصاب البشرية بالاعتياد والتجاهل 
والتحجر 
باتت العلاقة مع الاجهزة الذكية مجرد عادة 
فلا انجازات ابداعية تثير انتباه أحد ولا حوارات سياسية 
والأخبار كلها موت على موت 
فيتحول رد الفعل إلى شكل من التعاطف الآلي واللحظي 
بسبب الاعتياد على المآسي 
بمعنى تزاحمها في الاخبار حد تأقلم الناس مع السوداية وتوقع الأسوأ
وتبحث البشرية في الانترنت عن الوجبات الخفيفة المسلية الاخبارية 
الهزلية 
ويتتبعون أخبار الفنانين والفنانات 
ونجوم التنافس على الرداءة والانحدار حتى في عرض الجسد 
لأن العرض يفوق الطلب و وصل الكساد حتى إلى سوق النخاسة ..
الأزمة الاقتصادية الكونية تطل من بلادنا 
ولكنها تزأر واعدة العالم كله بتسونامي يقلب كل النظم والمفاهيم السابقة 
خبر مؤلف من ٢٠ كلمة هو كل طاقة الناس على الاطلاع 
تتولاه صفحات تواصل موجهة لشريحة متضررة من الحرب السورية 
سواء مع أو ضد الحكومة 
ويحث العالم الخطا لترتيب الواقع النفطي وفق خطة  تضمن دورة متكاملة ليحط المال النفطي في بنوك الولايات المتحدة 
وكل هذا يجري وسط أحداث دموية 
تتابع في سلسلة من الحصار 
وتحت وطأة كورونا التي تقلب العالم إلى جحر مظلم لا يصلح إلا لحيوان بلا عينين 
معتاد على الظلام اسمه الخلد 
صدقوني لست أبالغ في توصيف اختناقات العالم 
المنقسم إلى طبقتين هما طبقة 
المنتجعات والحفلات متابعي أسعار الدولار 
وطبقة الأسواق الشعبية 
المتابعة لبورصة السكر والرز 
وكلا الطبقتين تعيش انعزالها وغيبوبتها عن الجغرافية والديموغرافية 
وطبقة 
تسقط من الطبقة الثانية وتتوسع كلما فقدت عائلة فيها مسببات البقاء
كأن تأخذ الحرب معيلها 
أو الكورونا أو أي نوع من أنواع الموت 
الذي يعمل عملا جماعيا كالحصاد في 
بلدان ((قيصر))
وهكذا تلمع عيون مدام دوفارج في كل شارع من شوارع بلدات هذا الوطن الذي يلعب فيه النبلاء بالدولار على طاولات القمار للتسلية بينما 
يتكاثر المتلهفين على خبزهم على منافذ الأفران 
مشهد سوريالي مرعب 
يمنعني من فعل أي شيء 
و بحكم العادة والايمان 
أمارس وطنيتي 
وأتحمل سخرية اللي فوق واللي تحت 
فمن هم فوق يعقدون صفقات بيع الوطن بالكاش 
ومن هم تحت 
يعتبرونني معتوهة لأنهم يلتقطون لهاثي من النفخ في القربة التي يرونها جميعاً  مثقوبة 
وتشح كتاباتي لا من شح العاطفة 
بل من فرطها 
ماذا نكتب في زمن السندات المالية 
وتقابله وصايا العبيد لسيدهم الله الذي يختبرهم في طاقة البقاء 
وأصعب المواقف 
وأنت تستمع لوجع اللقمة ثم تحصي بقية مدخراتك 
وتعرف أنها قليلة حد أن تهدر بقية كرامتك الشخصية 
بعد انهيار نخوتك بسبب عجزك عن المساعدة 
كورونا تحجرنا وتحولنا فئران في المصيدة 
والعالم يتوجه لحروب العالم الوحشي القديم حروب  الغنائم 
والقتال صار كالغزو القديم 
مغنماً آنياً