ليبيا وقدسية الأمن القومي العربي.. بقلم: جمال الكشكي

ليبيا وقدسية الأمن القومي العربي.. بقلم: جمال الكشكي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٨ يوليو ٢٠٢٠

كل السيناريوهات مفتوحة في ليبيا، أنقرة بلغت مداها في التجاوز، حشد الميليشيات والمرتزقة مستمر، الأرقام تقول إن أكثر من 19 ألفاً من المأجورين الإرهابيين تم نقلهم إلى الغرب الليبي، أردوغان يحتكر القيام بالأدوار القذرة والوظيفية لصالح أطراف دولية، تعدى على حق الجميع، وانتهك سيادة دول مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا، زحفه من الغرب إلى الشرق الليبي يهدد قدسية الأمن القومي لدول الجوار الليبي، ويمثل تعدياً صارخاً على مقدرات الشعب والدولة الليبية، لم تعد هناك خيارات سوى حماية ليبيا من خطر أردوغان وحليفه فايز السراج رئيس الحكومة غير الشرعية، غير مسموح بالتعدي على سيادة وحقوق الدول، مصر قالت كلمتها بشكل قاطع: «سرت والجفرة خط أحمر»، الأيام الماضية شهدت القاهرة لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي مع حوالي مئتين من زعماء القبائل الليبية، رسائل اللقاء جاءت قوية وعميقة، أعطى زعماء وأعيان القبائل الليبية كامل تفويضهم الرئيس السيسي والقوات المسلحة المصرية للتدخل لحماية السيادة الليبية واتخاذ كافة الإجراءات لتأمين مصالح الأمن القومي لليبيا ومصر، ومواجهة التحديات المشتركة، وذلك ترسيخاً لدعوة مجلس النواب الليبي لتدخل مصر لحماية الشعب الليبي والحفاظ على وحدة وسلامة أراضي بلاده.
هذا فضلاً عن أن الجهود المصرية ترمي إلى تفعيل الإرادة الحرة للشعب الليبي من أجل مستقبل أفضل لبلاده وللأجيال القادمة من أبنائه، وإن مصر تتعامل مع ليبيا واحدة موحدة، وأنها قادرة على تغيير المشهد العسكري في ليبيا بشكل حاسم وسريع، ومستعدة لاستضافة وتدريب أبناء القبائل الليبية لبناء جيش وطني ليبي، سيما أن حالة الانقسام السياسي في ليبيا لن تؤدي إلى حل الأزمة.
وأكد اللقاء بعمق أن خط سرت الجفرة لا يجب تجاوزه، وهي دعوة سلام من مصر للبدء في تفعيل الحل السياسي، وأن الدولة المصرية هي دولة داعية للسلام، ولا تقبل بتقسيم ليبيا، وتسعى لوقف الاقتتال في البلاد.
هذه الرسائل أزعجت كثيراً رجل الخيال المريض أردوغان الذي يفكر في بسط نفوذه في المنطقة تحت لافتة وهمية باسم الخلافة العثمانية، في حين أن نتائج أفعاله ستكون كارثية على مختلف الأصعدة، فالداخل يمر بتصدعات كبيرة، ثمة صعود للمعارضة التركية وسط حاضنة تتسع يومياً، وهناك شعور بأن حكم حزب العدالة والتنمية ورّط الشارع التركي، بل سيقوده إلى الهاوية، انهارت الليرة التركية، اهتزت صورة الدولة بشكل كبير، تراجعت شعبية أردوغان بفعل التضخم الذي وصل 23 %، والبطالة التي زادت لنحو 18 %، وتوقفت الاستثمارات وخاصة الأوروبية منها عن الدخول للسوق التركية، صارت أنقرة عبئاً على حلف الناتو، الاتحاد الأوروبي بات مهدداً بالهجرة غير الشرعية، وتسلل التنظيمات الإرهابية جراء الاحتلال التركي للغرب الليبي.
إذا نحن أمام شخص غير مسؤول، يتجاوز في حقوق وسيادة الآخرين، وأنه يؤمن بأفكار الجماعات الظلامية التي ترفض أن تكون تركيا جزءاً من المجتمع الدولي وتلتزم بالقوانين الدولية، وهذا ما تؤكده كل التنظيمات المتطرفة من خلال دعم قراراته.
أردوغان لديه دور وظيفي لتنفيذ مخططات بتوقيع أوباما منذ عام 2011 أو ما يسمى بـ«الربيع العربي». هو لا يؤمن ببناء دولته أو الحفاظ عليها، وإنما يحاول دائماً القفز إلى تشابكات واشتباكات جديدة.
وتحول مسار الرأي العام التركي إلى ملفات أخرى بأهداف عديدة، من بينها التغطية على فساد عائلة أردوغان سواء كانوا أولاده أو أصهاره، وخاصة أن وسائل الإعلام الغربية تنشر يومياً قصصاً عن مليارات الدولارات التي حصل عليها أردوغان وعائلته، وتكوين ثروات طائلة، والتغطية على الاحتلال التركي لأراضي 4 دول عربية، وإعطاء الأمر طابعاً عابراً للحدود حتى يكون هناك تفسير للذهاب التركي بعيداً عن الحدود التركية واحتلال أراضي الغير.
لكن في النهاية كل التصرفات الحمقاء لأردوغان ستقود أنقرة إلى نفق مظلم يصعب الخروج منه.