قانون للعاملين.. أم؟.. بقلم: زياد غصن

قانون للعاملين.. أم؟.. بقلم: زياد غصن

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٨ يوليو ٢٠٢٠

منذ سنوات، وهناك حديث عن تعديل قريب على قانون العاملين الأساسي، ونحمد الله أنه لم يحدث..
فالتعديل المقترح كان جزئياً، ولا يعالج المشكلة الأساسية للقانون والمتمثلة في تجاهله لخصوصية كل مهنة وعمل كل مؤسسة..
لكن اليوم ثمة ما هو أهم من كل ذلك..
إذ إن هناك حاجة إلى قانون جديد يدشن مرحلة جديدة من علاقة المواطن مع مؤسسات الدولة والقطاع العام، ولاسيما أن مجريات سنوات الحرب التسع وتطوراتها خلصت إلى أن تماسك مؤسسات الدولة كان بفضل تماسك الكادر البشري فيها رغم التهديدات الأمنية الكبيرة، وعدم توفر بيئة العمل المناسبة.. وكل هذا مقابل عائد مادي لا يؤمن أبسط مقومات الحياة.
هنا سأطرح فكرة للنقاش، تتعلق بتوصيف العلاقة القائمة بين العامل ومؤسسات الدولة والقطاع العام، والتي هي بموجب القانون الحالي أبعد ما تكون عن علاقة عامل بصاحب عمل حتى تكون شراكة وملكية كما يصفها بعض المسؤولين في خطاباتهم الحماسية..!
فمثلاً.. في القانون الحالي يسمى المقابل المادي الشهري الذي يحصل عليه الشخص لقاء عمله بالأجر، وفي قاموس اللغة العربية الأجر يعطى للأجير.. فهل هذا توصيف مناسب لمن يفني سنوات شبابه وعطائه في خدمة الدولة ومؤسساتها وقطاعها العام بغض النظر عن مستواه التعليمي ومهمته الوظيفية؟ وهل يمكن القول إن ما تقدمه شريحة واسعة من الموظفين بخبرتها وكفاءتها يمكن للأجر الشهري أن يكون تعويضاً مناسباً له؟
لماذا لا نعود إلى استخدام التسمية المعتادة والمعتمدة في دول كثيرة.. موظف وراتب شهري؟
ليس الأمر عبارة عن استبدال مصطلح بآخر لغايات إعلامية أو اجتماعية، وإنما هذا يتعلق بماهية العلاقة الحقيقية المفترض أن تبنى بين الموظف ومؤسسات الدولة، والتي ستكون جزءاً من العقد الاجتماعي الجديد..
فالدعوة المعتادة إلى مشاركة الموظفين في اتخاذ القرارات المتعلقة بعمل مؤسساتهم العامة، وضع الخطط المستقبلية، تحمل المسؤولية والمحاسبة، وتجسيد المشاركة في الملكية.. وغيرها من العناوين التي تطرح، لا يمكن أن تتحقق إلا بين أطراف تحترم، تثق، وتحفظ حقوق بعضها البعض.
ولا أعتقد أن قانون العاملين الأساسي بشكله الحالي ينصف مئات الآلاف من الموظفين وما قدموه، ويشكل أساساً للعلاقة الجديدة التي من شأنها المساهمة فعلاً بتطوير بيئة العمل في مؤسسات الدولة وقطاعها العام، ويعزز من انتماء الموظف ومسؤوليته..
لذلك.. فإن الأولوية اليوم ليست لتعديل قانون العاملين الأساسي من أجل تصحيح بعض الثغرات وتلبية بعض المطالب، وإنما لتغييره بالكامل بحيث يتحول إلى عقد جديد يفتح الأفق لسورية ما بعد الحرب..