التربية والمعارف.. بقلم: سامر يحيى

التربية والمعارف.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٣١ مايو ٢٠٢٠

التربية مجموعة القيم الأخلاقية المستمدة من المبادئ الإنسانية والعادات الاجتماعية، التي تساهم في توجيه سلوك الأفراد ودمجهم داخل مجتمعهم والبيئة التي يعيشون فيها، لتكوّن كائناً اجتماعياً، ناشئاً على الأخلاق والسلوك القويم واحترام الآخر؛ أما المعارف فهي مجموعة الخبرات والقيم والمعلومات التي يمتلكها الأفراد، والتي تُكتسب نتيجةً للتجارب التي يخوضها الفرد ويتلقاها خلال سنّي حياته.
 فالتربية هي الإطار الأشمل والأوسع والركيزة الأساس للعملية التربوية، كونها تهتم بتوجيه الأطفال توجيهاً سليماً، وإعداد جيلٍ متسلّحٍ بالعلم والمعرفة والتفكير السليم، يتمكّن من التمييز بين السلبي والإيجابي، ينشأ على معرفة واحترام الثقافات والحضارات الإنسانية والمفاهيم البشرية، وتنمية مشاركتهم بفعالية بالمحيط الذي يعيشون فيه بما يساهم بتطوير مهاراتهم العلمية والعملية وتقبّل نظرائهم، وتشجّعهم على احترام العادات والتقاليد والظروف التي يمرّ بها كلّ منهم، والتواصل مع نظرائهم بما يجعلهم أكثر قدرة على التواصل والحوار وكسب المهارات المناسبة للوصول إلى حلمهم وطموحاتهم، أنى كان مجاله.
 وتأتي أهمية المؤسسة التربوية كونها تشمل الأطفال في أهمّ مراحل حياتهم، بدءاً من سن الحضانة وصولاً لمرحلة اليفاعة والانتقال للمرحلة العملية أو العلمية، فهذا يعني مسؤولية كبيرة، فليست الأهمية هنا أن تغيّر الاسم أو تعدّله أو تغيّر المنهاج إلى ما هنالك، إنّما الأهمية تستدعي أن تستنهض كلّ قواها، وتتشارك المسؤولية مع بقيّة المؤسسات الوطنية الحكومية وغير الحكومية، إضافةً للأسرة والمنظمات والجمعيات بغض النظر عن تسميتها؛ فتنشئة الجيل وتربيته وإعداده بشكلٍ سليم، مسؤولية جمّة، لكنّها ليست معقّدة إن فعّلنا الضمير الوطني، والانتماء الإنساني، والاستنهاض الحقيقي لجهود جميع القائمين على العملية التربوية من إداريين ومدرسين وموجّهين وأمناء المكتبات والمخابر ... إلخ، وحوار ونقاش عبر ندوات ولقاءات تربوية تأهيلية تطويرية، لا سيّما أن القوانين والهيكل التنظيمي القائم لأيّة مؤسسة لا يمنعها من القيام بدورها المنوط بها على أكمل ومن ثم توسّع هامش عملها وتعدّل هيكليتها لتستكمل النواقص والاحتياجات ومواكبة التطوّرات، فكيف وقد باتت وسائل الاتصال الحديثة التي سهّلت عقد اللقاءات ووفّرت الوقت والمعلومة والمعطيات والبيانات، فكيف إذا ابتعدت عن إسداء النصائح وتوجيه الأوامر والتنظير، إنّما البحث والنقاش في نقاط القوّة والضعف، ومعاناة الطلبة والكادر التدريسي، المناهج إيجابياتها وسلبياتها، ملاحظات أمين المكتبة والمخبر، وجهة نظر الموجّه والمفتّش والكادر الصحّي والأسرة، بدءاً من الالتزام بالعام الدراسي منذ بدايته، بتوزيع الطلبة على مقاعدهم، واستلامهم كتبهم، وبرنامج العام دون تغيير طالما هناك فترةٌ صيفية، وأسبوع إداري كافٍ لوضع كل الاقتراحات والخطط والاحتمالات وحتى توزيع الكادر الدراسي وتوقّع احتمالات غيابهم لسببٍ أو آخر، إن فعّل بشكلٍ جدي، وأن يدرك المعلّم أن دوره تربوي ومعرفي لا مجرّد رسوبٍ ونجاح، واحتواء الطالب، والمناهج ما هي إلا نتيجة نقاش الطالب وإلقاء المدرّس، لمعرفة الحشو والسلبيات وتأكيد الإيجابيات، واستدراك النواقص، واستثمار ساعات دوام الطالب لممارسة النشاطات لا أن تكون على كاهل والديه وأسرته، ومن ثم استثمار كل زاويةٍ في الأبنية المدرسية والمجمّعات التربوية مع الحفاظ على نظافتها والاستفادة من جهود الطلبة في المدارس التقنية واستثمارها من كل الجوانب، بما يصبّ بتعزيز الولاء والانتماء الوطني، وربط العلم بالعمل، وتحمّل المسؤولية والبحث عن حلول، واتقان العمل والأداء، أياً كان توجّه الطالب ورغبته العلمية والعملية، ويجب أن يكون تفكيره "أنا من يصنع المستقبل، وأنا من يخلق فرصة العمل، وأنا جزءٌ فاعل من المجتمع أنّى كان تخصصي وعملي فلي دور أساس"، ما عدا ذلك فكل القرارات والتعاميم والمنصات التربوية والمسابقات الثقافية لا تؤتِ سوى جزءٌ مما تهدف إليه، لأنّها تطبيقٌ نظري بعيدٌ عن تشخيصٍ واقع الطلبة والبيئة والموارد والإمكانيات المتاحة والقدرات المتوفرة، والتطوّر التكنولوجي والرقّمي.
 إن المناهج التي نشكو منها، هي التي خرّجت مئات آلاف السوريين، الذين أثبتوا تفوّقهم على مستوى العالم، وصمدوا في وجه آلة الإرهاب وأعداء الوطن بشتّى أساليبهم وقواهم وأدواتهم، فالتطوير والتحديث المنطلق من أرض الواقع، والمواد الموجودة لدينا، أكثر قابلية للتطبيق واختصاراً للوقت والجهد، مستفيدين من المنابر الإعلامية المتاحة لصناعة رأي عام، يؤمن بالعملية التربوية، داعماً ورديفاً لها، لنسير على خطى الجيش العربي السوري في تطهير ثرى الوطن المقدّس من الإرهاب والاحتلال، باستكمال بناء جيل مؤمن بوطنه معتزّاً بانتمائه وولائه لوطنه، مساهماً فاعلاً في تقدّمه وتطوّره.