لزوم مايلزم لفهم العالم الجديد ((الجزء الثاني)).. بقلم: ميس الكريدي

لزوم مايلزم لفهم العالم الجديد ((الجزء الثاني)).. بقلم: ميس الكريدي

تحليل وآراء

السبت، ٣٠ مايو ٢٠٢٠

كنت قد نوهت في الجزء الأول  
عن صعود دول نتيجة لقوتها اقتصاديا إلى مرحلة المشاركة في صناعة القرارات  وتوجيه الصراعات في المنطقة 
ولم يعد خافياً على أحد قدرة الإمارات العربية على التأثير في ليبيا و المثال مناسب هنا
وبالرغم من التفوق العسكري للقوات التي تدعمها تركيا متمثلة بحكومة السراج وتراجع الوضع العسكري على الأرض لقوات الجنرال حفتر المدعوم إماراتياً بشكل اساسي هذا التراجع بات يهدد استمراره عسكريا و سياسيا ،
إلا أن المعادلة الدولية تتوجه للتوصل إلى وقف إطلاق نار 
مما يثبت نظرية التفوق الاقتصادي وتأثير دولة الإمارات العربية المتحدة على منحى التموضع الدولي ..
وإذا سحبنا ملف الشرق الأوسط على العالم نجد أن الدول الكبرى تلعب في ملعب الاقتصاد الأشمل 
فالولايات المتحدة التي أحكمت سيطرتها العالمية على حركة السندات المالية والتحويلات المصرفية وأرست الدولار العملة المعيار عالميا وكان الاتحاد السوفيتي الدولة الوحيدة التي لم توقع حينها إلى ان وقع  الرئيس يلتسين كآخر دولة كانت خارج هذا الفلك نظريا وهي دولة روسيا الاتحادية بعيد انهيار الاتحاد السوفياتي . ويبدو ان الولايات المتحدة الأمريكية بعد احتلالها العراق وهو القاعدة الأهم لها في الشرق الأوسط جغرافيا وسياسيا اكتفت بإطلاق حرب الفوضى في المنطقة وفوضت حلفائها لإدارتها وإدارة علاقاتها التي رغم تناقضاتها لا يمكن أن تسمح بعرقلة مصالحها وتواجدها القوي في المنطقة وسيطرتها على الثروة النفطية فيها . 
هنا اريد ان أنوه  أنني إنما أقوم بعملية عرض و  قراءة لما تخطط له الولايات المتحدة اقليميا وعالميا وهذا لا يعني انها سوف تنجح كما تشتهي وسوف اتي في الاجزاء القادمة على عرض ممانعة وردود افعال للاعبين الآخرين في المعسكر المواجه وهو محور إقليمي و عالمي لايستهان به ويستطيع حرف خطط الإدارة الأمريكية .
فبينما  لجأ الرئيس ترامب إلى أداء مختلف في أمريكا الجنوبية خصوصاً بعد انحسار أنظمة كانت تعتبر عامل توازن لمواجهة سياسات الولايات المتحدة الأمريكية رغم محدودية تأثيرها ، ومن ثم حد كثيراً من محاولات كورية الشمالية في التمدد النووي 
و استخدم أعلى مراحل الضغط الاقتصادي والسياسي والعسكري على إيران والتي تحتمل أكثر بكثير من كونها جزء من الشرق الأوسط 
وبعد ذلك توجه الرئيس ترامب بالحملة ضد الصين رغم انها ليست ضمن المنافسة العسكرية والسياسية ولكنها تنافس اقتصادياً وبات لزاماً من وجهة نظر الولايات المتحدة دفعها إلى سباق التسلح استنزافا لاقتصادها على منافسة القوة وبهذا ينتقل الفائض في  اقتصاد الصين إلى جيوب مافيات السلاح أو تستنزف ميزانيتها على تطوير صناعة الأسلحة في حين كانت تركز على صناعة كل احتياجات العالم 
وأعتقد أن هذا الكلام بات معروفاً ومعلناً لكنه ينبئ عن مزيد من التوحش في الصراع 
و بفجاجة الإعلان 
وحتى أن العالم أجمع بات متشككاً في كل العناوين الدولية الإنسانية والتي اضطرت لفضح نفسها عبر أداء تابع واضح تجلى في سلوك مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات الهامة التي لم تعد لديها مساحات للمناورة الانسانية حتى ..
ورغم كل القتامة التي تحيط بالمشهد العالمي و توقعات المزيد من التهميش و سياسة تغيير الأنظمة لصالح كارتلات اقتصادية كبرى إلا أن هذا ربما يكون الطريق الجديد للشعوب المهمشة في العالم خاصة وأن نجاح الترتيبات العالمية بتوليد صراعات وأنظمة وأحزاب وكيانات هي لزوم مايلزم لاستمرار الاقتتال إلا أنها بالمقابل تعمق القطيعة مع المساحات الشعبية في العالم أجمع وحتى لو كان نظام العولمة المتورم حده الأقصى قد سمح لكل البشر استخدام الانترنت واقتناء أجهزة الخليوي والكمبيوترات وملأ رؤوس الاجيال بالترهات والفراغات لكنه بالمقابل وسع الهوة بين القدرة والعجز 
فالحرب الاقتصادية تخلق المزيد والمزيد من المظلومين 
وبالتالي لابد من حركة انقلابية على القدر الذي ترسمه المافيات الاقتصادية 
وماتزال ذاكرة العالم حاضرة عندما فعلها الجنرال جياب والشعب الفيتنامي وأعطى درس في حرب التحرير الشعبية (( الحرب الطويلة المدى ))