هل قُدّم كبار السن على «مذبح كورونا» في أوروبا؟.. بقلم: ايليا ج. مغناير

هل قُدّم كبار السن على «مذبح كورونا» في أوروبا؟.. بقلم: ايليا ج. مغناير

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٦ مايو ٢٠٢٠

لكبار السنّ مكانة خاصة عند سكان الشرق الأوسط، خصوصاً الأهل الذين يتمتّعون بتقديرٍ واحترامٍ فَرَضَهُ الدين الإسلامي وكذلك أخلاق التعامل مع مَن بذلوا العطاء في مرحلة شبابهم للأجيال القادمة. وكانت أوروبا تفاخر بإطالة أعمار كبار السنّ لما تقدّمه لهم من تسهيلات طبية وحياة رغيدة تفوق تلك التي يقدّمها الشرق الأوسط. إلا أن وباء «كوفيد – 19»، أظهر أن أوروبا قدمت على مذبح «كورونا» كبار السن بالدرجة الأولى من دون أي اعتبار لما قدّمه هؤلاء خلال سنوات عطائهم الطويلة.
وقد شهدتْ مستشفيات أوروبا، خصوصاً إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وإنكلترا، قصصاً مخيفة تروي كيف كان الجسم الطبي المكلّف بقسم المصابين بفيروس كورونا المستجد، يشاهد بأم العين كل يوم كيف كان كبار السن يفارقون الحياة بسبب نقص الهواء.
فـ«كورونا» يضرب الجهاز التنفسي بالدرجة الأولى عندما يغادر الحنجرة، وهنا تبدأ مرحلة العذاب والتعذيب لكبار السن الذين اعتبرتْهم الحكومات المتحضرة من الفئة التي يُستغنى عنها. وهذا كله بسبب فشل النظام الصحي الأوروبي بإيجاد أسرّة في المستشفيات وأجهزة تنفّس كافية بسرعة لإعطاء فرصة لجميع المُصابين للنجاة.
وفي بعض مستشفيات إيطاليا، كانت هناك قارورتان للأوكسيجين فقط لكل 15 مريضاً وجهازان للتنفس، وتالياً كان الخيار يعود للمسؤولين لتحديد مَن له الحظ بالتنفس من عدمه. أما الآخَرون فقد تُركوا للموت البطيء الذي كان يستمرّ لمدة يومين إلى أربعة أيام وهم يصارعون مع الهواء لإدخاله إلى الجسد النحيل الذي سرعان ما يسلّم أمره للموت ليرتاح من عذاب الدنيا.
وفي مستشفيات فرنسا، كان الأطباء يقرّرون سريعاً مَن لديه فرصة للحياة من عدمها لأن قدرة الإنعاش القصوى بلغت 5000 سرير في كل البلاد بينما وصل عدد الإصابات اليومي إلى أكثر من 7200 مصاب بحاجة لأجهزة تنفس وأسرّة في العناية الفائقة.
وبالتالي كان 2200 يُقدّمون على لائحة الموت البطيء – السريع يومياً إلى أن انخفض عدد الإصابات دون الخمسة آلاف ليتاح لكل مصاب فرصة التنفّس. وإذا حضر مصابون تحت سن الستين، كانت لهؤلاء الأولوية لأخْذ جهاز التنفس الذي كان يُحجب عن شخص آخَر أكبر سناً ويُحكم عليه بالإعدام ويُمنع عنه الهواء.
لقد حصد «كورونا» العديد من دور رعاية المسنين والمؤسسات التي تقدّم الغرف المخصصة لكبار السن حيث تقول الإحصاءات الأخيرة إن نحو 57 في المئة من وفيات «كورونا» ضربت هذه المراكز بالتحديد. ففي أوروبا لا يعيش كبار السن مع أولادهم، وعندما يبدأ هؤلاء بالحاجة لعناية خاصة، يُرسلون إلى هذه المنازل المُكْلِفة جداً لتقديم الرعاية لهم.
ولهذا السبب، ولاستحالة إبعاد القاطنين عن بعضهم البعض، يصاب العديد من هؤلاء بالأمراض المُعْدِية بسرعة فائقة ما تسبب بأعداد كبيرة من الوفيات.
لقد فرّق «كورونا» الناس عن بعضهم البعض، فلم يعد الأولاد يستطيعون زيارة أهلهم خوفاً من نقْل العدوى إليهم. والمشكلة الكبرى التي تفكّر فيها الدول اليوم هي الاستعداد للأشهر العجاف الآتية عند انتهاء فصل الصيف وحلول الخريف والشتاء.
فقد أكدت الدراسات أن الفيروس باقٍ حتى السنة المقبلة، وعلى أقلّ تقدير حتى صيف 2021، ما يعني أن على الحكومات الاستعداد للشتاء المقبل الذي يحمل معه عادة أمراضاً مُعْدِية وانفلونزا تحصد أرواح الملايين فكيف إذا انضمّ إليها «كورونا»، هذا إذا بقي على حاله ولم يتطوّر ليصبح أكثر فتْكاً.