ما بعد كورونا..بقلم: سامر يحيى

ما بعد كورونا..بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٥ مايو ٢٠٢٠

ضغط النفقات، منع الهدر، الإصلاح الإداري، التجربة الفلانية، نظرية مالتوس لتخفيف السكان، النظرية اليابانية في الإدارة ... الرجل المناسب في المكان المناسب، مكافحة الفساد، كلّ يعمل حسب قدرته، العامل الذي ينجح بالامتحانات يستحق الترقية، الربح الرقمي، المواطن لا يقدّر عمل المسؤول، المواطن لا يجب أن يعرف كلّ ما يقوم به المسؤول، عمالة فائضة، متوسط عمل العامل نصف ساعة باليوم بغالبية المؤسسات ... إلخ.
عباراتٌ وإجابات نستمع إليها أو نتكلّم عنها دون التفكير بها، ولا التشخيص الجدي وتناول العلاج المناسب، متجاهلين أن اليد العاملة هي التي تنتج، وفريق العمل يؤدي لإنجاز المعجزات. الربح يجب أن يبدأ من مقارنة المدخلات مع المخرجات، مع إتقان العمل ضمن الإمكانيات المتاحة والموارد المتوفرة، والتطوّر المستمر...كلّ ذلك يجعلنا نفكّر بكل عبارة ننطقها وندرسها بشكلٍ جديّ، ننظر إلى أيّة مسألة حتى لو رؤية شخصٍ لموضوع ما من كل الزوايا والجوانب، والجمهور الذي نتوجّه إليه ونخاطبه والبيئة التي تحيط بنا، كي لا نقع في فخٍ ونفتح ثغرةٍ لأعداء الوطن للتسلل من خلالها لتوسيع الفجوة بين المواطن ومؤسساته، ويضيع كل الجهد والأداء الذي تبذله المؤسسات الوطنية، لعدم لمس المواطن أثره، أو التقليل منه بقصدٍ أو غير قصد. يستدعي ذلك من كلٍ منا معالجة المشكلة من جذورها، لا علاجها ظاهرها، بالتعاون والتعاضد مع كلّ المؤسسات، بما أنّ الهدف الأساس لها جميعاً، إدارة موارد الوطن كلٌ ضمن المهام الموكلة إليه والقطّاع المسؤولة عنه.
يجب أن تعطي هذه الفترة فرصةً لكل القائمين على العمل المؤسساتي لاستثمارها بإعادة تطوير أداء مؤسساتنا دون استثناء، بعيداً عن إضاعة الوقت والجهد والمال بالورقيات والنظريات المستوردة مهما كانت إيجابية؛ فليس من الصعب أن تبدأ المؤسسات ما بعد "كورونا" بأن تنشئ سجلاتٍ تقيّم فيه دور المؤسسة والمهام المنوطة بها والواجبات الملقاة على عاتقها والجمهور المستهدف من أدائها، ودور كل عامل وما هي طبيعة عمله وشهادته العلمية والخبرة العملية إلى ما هنالك، من أجل إعادة توزيع العمالة ضمن المؤسسة؛ كلٌ ضمن مكانه الصحيح الحقيقي، وتلقائياً نكون تجاوزنا الكثير من العقبات والعوائق وانطلقنا في وضع الهيكل التنظيمي والتوصيف الوظيفي لكل المؤسسات بأقل وقتٍ ممكن، وبمرونةٍ كافيةٍ وبفترةٍ لا تتجاوز الثلاثة أشهر لنبدأ مباشرة بحصد النتائج الحقيقية الجدية، ومضاعفة عملية الإنتاج بشكلٍ حقيقي، لأنّها استندت لقاعدة انطلقت من أرض الواقع. وعندها نستفيد من أخطاء الماضي ونجاحاته، لرسم المستقبل المشرق. هذه المؤسسات التي استطاعت الصمود في وجه آفة الإرهاب بكل أدواته وأساليبه، لا تحتاج إلا لإعادة التقييم والتقويم، وما عدا ذلك كل تجربة نأتي بها، أو هيكلٍ نضعه لا يعتبر مرونة، ولا تجربة، إنّما نقصٌ في البيانات، وتعارض في المعطيات، وعدم القدرة على خلق فريق عملٍ حقيقي. وليس من الصائب أن نحشر الموظّف في الزاوية ونشعره بعدم الطمأنينة والراحة النفسية في مكان عمله، إنّما علينا توجيهه ووضعه بالمعطيات والمهام الملقاة على كاهله، ومن ثم يتم تقييمه استناداً إلى عمله وجهده وما قدّمه للمؤسسة ولنفسه من تطويرٍ لأدائه وعمله، بعيداً عن الأكاديمية الصمّاء، والعلاقات الشخصانية.
إن صناعة رأي عامٍ وطني ليست معقدة لشعبٍ يؤمن بوطنه ويلتفّ حول قائده وجيشه، فقط نحتاج تغيير الآليات، واستثمار كل الجوانب، ونقارن إمكانياتنا ومواردنا بقدرات أبناء شعبنا وما يستحقونه، وتحمّل المسؤولية وأن تقوم كل مؤسسة بدورها الأساس الذي وجدت لأجله، لا أن تهتم بجانبٍ وتتجاهل الجوانب الأخرى. وما أحوجنا لإعادة النظر بآلية استخدام البطاقة الذكية لتستند للرقم الوطني، لتسهل تقديم بيانات وإحصاءات حقيقية وجدية للاستهلاك والحاجات الفعلية لكل مواطن، وبالتالي تسهّل استرداد الضرائب ودور كل مواطنٍ وشركةٍ ومؤسسةٍ ومنشأةٍ مهما كبر أو صغر حجمها، في تنمية الإنتاج الوطني وواجباتها وحقوقها وفق انتاجيتها ودورها في عجلة الإنتاج. فنحن أحوج ما نكون لآليات تنبع من واقعنا الراهن، مستفيدين من تجارب الآخرين.
لقد أثبتت سوريتنا أنّها هي التي يجب أن يٌقارن الآخرون أنفسهم بها، فهذا الجيش العربي السوري أثبت أنّه قدوة لجيوش العالم كلّها في مكافحة الإرهاب والتصدّي للعدوان ومحاولات من ظنّ بأنّه يستطيع إضعافه واقتطاع جزء من تراب سوريتنا المقدس. وأثبتت القيادة السياسية قدرتها على الوقوف في وجه كل المؤامرات السياسية التي حاكها أعداء الوطن، فكانت سورية فاتحةً لمحورٍ عالمي جديدٍ قضى على الأحادية القطبية وكشف زيف التبعية وحافظت على انتماء سورية العربي والإنساني بآنٍ معاً. ونحن بحاجةٍ أن تثبت مؤسساتنا الوطنية أنّها الرديف للجيش وقائد الوطن في أداء مهامها، للنهوض أسرع بوطننا، لأنّ سوريتنا "الله حاميها" ودائماً تنهض أقوى مما كانت رغم كل التحديّات.