ربّ ضارّة نافعة.. بقلم: سامر يحيى

ربّ ضارّة نافعة.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٠ مارس ٢٠٢٠

يقول والت ديزني "يمكنك التوصّل إلى أعظم الأفكار، لكنك ستحتاج إلى من يساعدك لتحويلها إلى نتائج، فلا يمكننا الوصول إلى القمة إلا بتعاون الجميع"، ويقول مؤسس "مايكروسوفت" بيل غيتس، إذا لم يكن لديّ سوى دولار واحد في شركتي لأنفقته على العلاقات العامة"، وعندما تم إغلاق جامعة كامبريدج بسبب الطاعون، "أسّس اسحق نيوتن علم "التفاضل والتكامل"، وغيرها الكثير....
الآن ونحن نمرّ بهذه الظروف التي فرضت شبه حصارٍ عالمي، وغيّرت الكثير من المفاهيم، وأكّدت على مفاهيم بسيطة لكنّها جوهرية لم يكن ينتبه إليها الكثير، وكعادتنا عدم تفهّم موقف المؤسسات الحكومية، بإساءة فهمها أو تشويه ما تقوم به من جهودٍ أو الشك بتصريحاتها، لعدم لمس المواطن لثمار عملها على أرض الواقع، ووجود من يتصيّد الأخطاء لتهويلها، ويشوّه الإيجابيات لتسخيفها، قد تكون هذه الفرصة مناسبةً نستغلّها لإعادة تقويم أنفسنا، وتقييم ذاتنا وإعادة النظر بما قدّمناه بسلبياته وإيجابياته، واستكمال ما يجب استكماله لاستمرار العطاء والإنتاج، والتوقّف عن كلّ مسببات التقاعس والتراخي والتأخير أو التعطيل... ما هي النتيجة والأسباب؟ وكيفية إعادة الثقة مع المواطن، وبالتالي هذه تقع مسؤولية المؤسسات الحكومية بالدرجة الأولى، لأّنه من غير المنطقي أن نعتبر هذه الأيام مجرّد فرصة للعطلة أو الإجازة أو الدوام الجزئي أو تأجيل إنجاز العديد من الأمور بحجّة جديدة "الكورونا"، إنّما تفعيل دورنا ورؤية إمكانية إنجاز أعمالنا وفق طرقٍ جديدة، وآلياتٍ مبتكرة، وأساليب متعدّدة، كلّ ضمن طبيعة عمله وتخصّصه، فقد نجد الكثير من الأعمال يمكن إدارتها من أي مكان، وأعمال يجب أن تكون على رأس العمل، وأخرى تتطلّب شخصٌ وأخرى أكثر، والبعض يكفي الدوام من السابعة صباحاً حتى الواحدة ظهراً، وغيرها حتى الثامنة مساءً لتلبية حاجات أبناء الوطن وتلبية متطلّباتهم، وخدمة الوطن والمواطن بآنٍ معاً، وليس مجرّد الاستجابة الروتينية لظرفٍ فُرِض على كلّ منا دون استثناء، وباعتبار أن الوقاية علاج، إلا أن استنهاض الجهود واستثمار الإمكانيات المتوفرة يحقق المهام والأهداف، عبر دراسة كافّة الأبعاد والتفكير خارج الصندوق، وبالتأكيد إدارة العلاقات العامة الحقيقية الصحيحة ـ والتي نمارسها بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر، نستعمل جزءاً منها دون الإشارة إليها صراحةً ـ يساهم في حل كل المشكلات ويحقّق الكثير من الإنجازات، فمجرّد اجتماع جزء من كوادر المؤسسة للبحث بدورها وإنجازاتها وربحها وخسارتها وموقف الجمهور منها هو "علاقات عامة" فهل استثمرنا ذلك خلال  الاجتماعات العادية والنوعية والندوات التوعوية وورشات العمل واللجان التخصصية والجولات التفتيشية والرقابية، التي من المفترض أن تؤدي دورها الحقيقي لتؤتي ثمار العمل الذي تقوم به لا مجرّد كلام ينتهي بانتهاء اللقاء وبحضور عددٍ غير كافٍ لعدم حضور كافّة التخصصات ذات الصلة بموضوع البحث والنقاش... حتى أن الاجتماع الدوري للسلطة التنفيذية المفترض أنّه علاقات عامّة حقيقية يبحث دور المؤسسات وأدائها، ومتطلّبات المواطن ورؤيته ودوره، ودور كل مؤسسة مع العاملين لديها من أجل تحقيق الاستثمار الأمثل لكل شخص في المكان الذي يكون به انطلاقاً من نتائج وأداء وتقارير الإدارات الوسطى والتنفيذية والعاملين ورؤاهم وأفكارهم ونتائج عملها، وبالتالي يجب ان تنبثق عنه اجتماعات موسّعة لا ضيّقة، لاستكمال المتابعة وتوسيع دائرة النقاش والحوار لتضمّ إضافة للمؤسسات الأساسية المؤسسات والمدراء الذين هم على احتكاكٍ مباشر مع الموضوع مدار البحث.
هذه الفترة التي نمرّ بها تتطلّب إعادة نظرٍ جذرية بكلّ تصرّفات المؤسسات، بل هي فرصةٌ يجب أن يستفيد منها كل من لديه ذرّة وطنية، فلكل مؤسسة هيكلية فيها كافّة الجوانب بما فيها الإداري والرقابي والفنّي والتخصصي والتنفيذي، وبالتالي يسهّل عليها عملية التقييم والتقويم والمتابعة والبحث في الطرق الأفضل لمضاعفة الإنتاج، ليلمس المواطن نتائجه، فأيّ عملٍ لا يلمس المواطن نتائجه مهما كان ناجحاً نظرياً فهو فاشلٌ بل مدمّر، مثل تناول الدواء إن لم يلمس المريض بوادر شفاءٍ لن يؤمن به أو سيقلع عن تناوله وبالتالي سينعكس سلباً عليه، لانخفاض المناعة، رغم أنّه بقليل من الصبر كان يمكن الشفاء الكامل.
صدرت العديد من القرارات بتنفيذ تصرّفات كانت تُعتبر حرماناً لحقوق الإنسان، الآن بات القيام بها حقاً من حقوقه، تعطّلت المؤسسات الحكومية بنسبة 40% عدا عن إغلاق الجامعات والمدارس وكل ما يتعلّق بالتجمّعات بشتّى أنواعها، فهل سنبقي ما حصل يسير روتينياً دون أن نكلّف أنفسنا عناء البحث عن كيفية التصدّي لكل المشكلات التي قد تطرأ، وابتكار الأفكار للتحديّات التي قد تطرأ، هل بحثنا الفرصة الأنسب للاستفادة من دورنا المنوط به كلّ من مكانه؟ فهل درسنا أنّ الدوام من الساعة الثامنة صباحاً للواحدة ظهراً يكفي للكثير من المؤسسات، مقابل استمرار المناوبات لأداء المهام التي تحتاج وقتاً أطول، وأكثر فائدةً لصالح المواطن والمؤسسات بآنٍ معاً، بما يحقق ضغطاً للنفقات ومنع الهدر بكلّ أشكاله، ويزيد من عملية الإنتاج ويعطي روحاً إيجابيةً للموظّف الحكومي بأن ينجز المهام المكلّف بها بسرعةٍ ويذهب إلى البيت ليعيش يوماً كاملاً بكل تفاصيله لتحقيق الطموح والأفكار التي يحلم بتطبيقها ويقف الدوام الروتيني عائقاً في وجهه، ويثبت حكمة وحنكة الإدارة في التعاطي العملي في توزيع المهام التي تؤدي لغزارةٍ في الإنتاج، ودقّة في المهام، واتقاناً للمنتج، وسرعةً في الأداء، وعدم السماح بالتأجيل والإهمال والتكاسل والمماطلة والتأخير، ويتيح الوقت للعصف الفكري واللقاءات الجديّة الفاعلة المنطلقة من أرض الواقع.
لنستفد من أبنائنا في الجيش العربي السوري، الذين يمارسون مهامهم دون أن نهتم بمضاعفة رواتبهم، ولا بزيادة الاهتمام بعائلاتهم إلا ضمن جزءٌ بسيطٌ من الحق الذي يستأهلونه، ورغم كل ذلك يستنفرون على مدار الساعة ومتأهبون لكل الحالات ومستعدون لشتى الاحتمالات، مستفيدين بكل ما حولهم اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وحمايةً للمدنيين الذين يستخدمهم الإرهاب دروعاً بشرية، وغيرها من الممارسات التي فرضتها علينا الدول التي تتشدّق بحماية حقوق الإنسان، فهل يعقل أن تعجز المؤسسات الوطنية والتي لديها متّسع من الوقت للراحة وممارسة كل طقوسهم، من أن السير على خطٍ موازٍ مستفيدة من نجاحات أبطالنا، باستكمال فك الحصار وفضح الإرهاب، وإعادة أبناء الوطن لحضنه، واستثمار جهد كلٍ منا دون استثناء للنهوض يداً واحدةٌ بوطنٍ منحنا شرف لقب "مواطن عربي سوري".