استثمار الادخار.. بقلم: سامر يحيى

استثمار الادخار.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٩ فبراير ٢٠٢٠

إذا كان يؤذيك حرّ المصيف    وكرب الخريف وبرد الشتا
ويلهيك حسن جمال الربيع      فأخذك للعلم قل لي متى
من تعريفات العلم أنّه "الفكر الناتج عن دراسة سلوك وشكل وطبيعة الأشياء مما يؤدي للحصول على المعرفة وإدراك الأشياء كما هي عليه إدراكاً تاماً" أي أنّه ليس مجرّد كراسات وجامعة ومدرسة، بل كل يومٍ يجب أن نتلقى العلم، لكي نستطيع أن ندرك جدياً ما حولنا ونستطيع وضع الحلول السليمة، فكيف بالمؤسسات الحكومية التي تلقى على كاهلها إدارة الموارد الوطنية وتخطيطها وتنظيمها وتوظيفها بالطريقة الصحيحة، والتوجيه السليم، والرقابة.
فمهما كانت الظروف سيئة أو سلبية جيدّة أو إيجابية، معتدلة أو ما شابه، فدور المسؤول دراسة جديّة للإمكانيات والقدرات والموارد المتاحة والاحتياجات والمتطلّبات والمهام الملقاة على كاهله، وبالتالي البحث والتفكير والتمحيص للوصول للحل الأسمى والطريق الأمثل، ففي عصر التكنولوجيا والتطوّر وسرعة الحصول على المعلومة، وسرعة تشويهها أو إعطائها أكبر من حجمها أو التعتيم عليها، لا يمكن أن يقبل تصريحاً من هنا أو هناك يحتمل التأويل، إنّما يجب أن يكون مدروساً لكي  يستقطب الغالبية العظمى من أبناء الوطن ويضعهم بصورة الواقع كما هو، والتعاضد لتجاوز المعوقات ودور كلّ منهم، ومنع استغلاله من أعداء الوطن والمتربصين به، والذين يحاولون إيجاد شرخٍ بين أبنائه.
 يقال قديماً، خبئ قرشك الأبيض ليومك الأسود، أو إن كانت نفقاتك أعلى من إيراداتك، فلا تحلم بالمستقبل، إن لم تدّخر فلن تتمكن من الاستمرار، إلى ما هنالك، والآن ننادي بالصمود والصبر، متجاهلين أن الصمود والصبر نابعٌ من إيمان المواطن بوطنه وقيادته السياسية التي تدير الدفّة في ظل الأمواج العاتية بحكمة وحنكة، وهذا يرتّب مسؤولياتٍ أكبر على السلطة التنفيذية بكوادرها كافّةً، من أجل مضاعفة الجهود لتوفير الدخل الكريم لهذا المواطن بالتشاركية معه، فنجد المؤسسات تطالب بضغط النفقات ومنع الهدر، ومع ذلك نجد أبواباً وبنوداً تحوي على جزءٍ كبيرٍ من الهدر، وبنوداً أخرى تضغط مما ينعكس سلباً على العمل المؤسساتي والمواطن بآنٍ معاً، الكثير من التطوّرات والتكنولوجيا نستخدمها تحت شعار التطوير والتحديث والتوفير، لكن سوء استخدامها وعدم وضع البنية التحتية والبيئة المناسبة جعلها عبئاً كبيراً وذات مفعولٍ عكسي، وبالتالي يضيع كلّ الجهد الذي تبذله المؤسسات الوطنية، ولكن يا ترى هل سنتسمر بالحديث هنا حتى كاد الطفل في الشارع يتكلّم بما نصوغ حروفه في مقالاتٍ وأفكارٍ كلّ انطلاقاً من رؤيته وقدرته على الصياغة والكتابة، العلاج الكلّ يعرفه، وبالتأكيد لن تستطيع المؤسسة الحكومية الاستجابة لرأي كل مواطن، لكنّها بإمكانها الاطلاع على رأي الجميع ودراستها بشكلٍ جديّ ومتسارع لاختيار الأفضل ومن ثم تتوفّر رؤية فكرية مواطنية، بالإضافة للمعطيات والبيانات والمهام الموكلة إليها المؤسسة، فتخرج بأسلوبٍ إيجابيٍ بنّاء بتعاضدٍ وتعاون وطني وتلاحم في كافّة المجالات، وقد أثبتت الظروف بشتّى اختلافاتها أن الشعب العربي السوري من السهولة استقطابه لصالح وطنه، ولا يحتاج سوى القليل من التوجيه والتعاضد وتعظيم روح الوطنية لديه، وتلقائياً سنضع حداً في وجه كل من يحاول تشويه سمعة الوطن وتوسيع الفجوة بين المواطن ووطنه، فسورية التي لم ولن تسمح لأحدٍ بانتهاك كرامتها، ولا ترضى التبعية لأحد ستبقى تتعرّض للحصار والإرهاب بشكلٍ أو بآخر، من دولٍ تدّعي الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكلّ جهدها أن يبقى همّ المواطن العربي السوري الطعام والشراب والأمن، فنحن علينا ألا ندير النقص، بل نستثمر الإمكانيات المتوفّرة، والبحث عن البدائل، واستكمال احتياجاتنا بحكمةٍ وحنكة، والدولة السورية قادرةٌ على ذلك لأنّها الأقوى وقد تحدّت أعتى دول الهيمنة والاستعمار الجديد، وقادرةٌ أن  تقدّم لأبنائها بالتعاضد والتعاون معهم أنّى كانوا بتأمين الحياة الكريمة، وإدارة الموارد بحكمة وحنكة، ومضاعفة عملية الإنتاج، وتجاوز السلبيات والمعوّقات وتحديّها.
على سبيل المثال، يقال بأنّ نفقات الفرد اضعاف ايراداته، هل بحثنا ودرسنا وأعددنا رؤى وأفكار حول كيفية هذه المعادلة، وكيف يعيش الكثير، وما هي  انعكاساته الحالية والمستقبلية القريبة والبعيدة على الوطن ككل، وعلى الولاء والانتماء، وعلى الوضع الاجتماعي المستقبلي للمواطن السوري، سيقول البعض ليس من حقّ المؤسسات التدخل بذلك، ولكنّ هو أهم الاسس التي يجب أن تبحثها وتشكّل حولها لجان ورؤى وأفكارٌ جديّة تبحث في الحلول الحقيقية بعيداً عن الأوهام والحجج والقرارات التي لا تنطبق على أرض الواقع، وهل من المنطقي أن يسير كلٍ شيءٍ علناً أو سراً ليسعّر عملةٍ أجنبية، ولدينا الإمكانيات لتحقيق الاعتماد على الذات والبدائل متوفرة، أو قادرين على توفيرها بقليل من الجهد والوطنية، عبر تعويض النقص وزيادة الانتاج والاعتماد على الذات واستثمار كل أرضٍ تم تحريرها من رجس الإرهاب، بسرعةٍ لا تسرّع، بنشاطٍ وحيوية، لا روتين وبيروقراطية، وقتها تلقائياً سنجد أنفسنا استطعنا تأمين متطلبات اليوم، وقمنا بالادخار للغد، واستطعنا الجميع بين القانون بروحه ونصه، وبين الإنسان وإنسانيته، لنخلق بيئة متكاملة متعاضدة تكون عوناً وشريكاً اساسياً ورئيساً في بناء الوطن، مغترباً أم مقيماً، والحديث لا ينتهي عن النجاحات التي حقّقناها.
سوريتنا ستبقى تدفع ثمن عدم التنازل عن سيادتها ولا كرامة أبنائها، ولا انتمائها لمحيطها العربي، وسيبقى أعدائها يبتكرون الأساليب لتشويه صورتها وإحداث شرخٍ بين أبناء شعبها وحتى مؤسساته، مما يتطلّب من كلّ منا عدم السير ضمن الحياة الطبيعية الروتينية اليومية، بل الوضع في حسابنا أنّ أعداءنا لن يهدأ لهم بال إلا بإضعافنا بالحدّ الأدنى، ونحن يجب أن نكون يداً واحدةً لنتحدّى ذلك، لنثبت للجميع أن سوريتنا الأقدر على الوقوف في وجه كل قوى الفساد والطغيان، ونستقطب كل أبناء الوطن السوري المؤمنين بسوريتهم وترابها المقدّس وسيادة قرارها.