انقلاب أبيض في البيت الأبيض.. بقلم: دينا دخل اللـه

انقلاب أبيض في البيت الأبيض.. بقلم: دينا دخل اللـه

تحليل وآراء

الخميس، ١٣ فبراير ٢٠٢٠

بعد أن حصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي على «انتصاره الكبير» عندما برأه مجلس الشيوخ من التهم التي وجهها له الديمقراطيون، توجه مباشرة وفي خلال أقل من 48 ساعة إلى تنظيف بيته الداخلي، وقام بإقالة سفير بلاده لدى الاتحاد الأوروبي غوردون سوندلاند من منصبه، كما أقال اللفتنانت كولونيل ألكسندر فيندمان من البيت الأبيض، حيث كان يعمل مستشاراً في مجلس الأمن القومي، لأنهما شهدا ضده في قضية عزله، وكان لشهادتهما دور كبير في اتهامه ومحاولة عزله.
وصف خصوم ترامب الديمقراطيون هذه الإقالات «بالإجراءات الانتقامية» إذ كتب النائب مارك ديسولنييه في تغريدة له على «تويتر»: «إن السفير سوندلاند والكولونيل فيندمان موظفان شجاعان ووطنيان»، وإن «انتقام ترامب منهما لقولهما الحقيقة هو عمل جدير بالطغاة والمجرمين وليس برئيس أكبر ديمقراطية في العالم».
لا يبدو تصرف ترامب غريباً أو استثنائياً، فهو الحاكم المطلق في إدارته التي ليست «مجلس وزراء» أو «حكومة» بالمعنى الأوروبي المعروف وإنما هم سكرتاريون للرئيس، ناهيك عن السفراء وأعضاء مجلس الأمن القومي الذين هم أقل مستوى في الإدارة وتصرفه ليس استثنائياً إذا قارناه بتصرفات عدد من الرؤساء الذين سبقوه، فتاريخ «الإيستابلشمنت» أي الطبقة السياسية الأميركية، يؤكد أن ترامب ليس الرئيس الوحيد الذي أقال موظفين في إدارته، فالرئيس ريتشارد نيكسون عام 1974 طلب من المحامي العام إيليت رئتشاردسون ونائبه ويليام روكلشاوس أن يقيلا المدّعي العام آرتشيبالد كوكس الذي طالب بتسجيلات المكتب البيضاوي فيما يخص فضيحة وتر غيت.
أما الرئيس هاري ترومان فقد قام بإقالة مفاجئة للجنرال دوغلاس ماكأرثر قائد الأسطول الأميركي في جنوب شرق آسيا بسبب ما سماه ترومان «عدم الاستجابة للأوامر الأعلى رتبة خلال حرب كوريا»، على حين قام الرئيس جورج بوش الابن عام 1991 أي في عهد أبيه جورج بوش الأب بطرد رئيس موظفي البيت الأبيض جون سنونو.
قد لا يكون الأمر غريبا أن يقوم الرئيس ترامب بإقالة من شهد ضده في قضية محاولة عزله وخاصة أنه اعتبر أن ما مر به كان «محنة فظيعة» وأن «الكثير من الناس جرحوا ولا يمكن أن ننسى هذا».
يبدو أن الرئيس ترامب المنتصر بانقلابه هذا يريد أن يعيد ترتيب بيته الداخلي والتركيز على حملته الانتخابية وخاصة أنه حصل على تأييد 49 بالمئة من الأصوات في أحدث استطلاع للرأي وهي أفضل نسبة حصل ترامب عليها حتى الآن.