يوم العظماء 24 ساعة .. بقلم: سامر يحيى

يوم العظماء 24 ساعة .. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٢ فبراير ٢٠٢٠

 "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك"، "الوقت من ذهب، إن لم تستثمره ذهب، وإن استثمرته كل القوّة والنجاح والعطاء وهب"، اليوم 24 ساعة، لا زيادةً ولا نقصان، يمرّ على الجميع دون استثناء، لكنّما الغالبية منّا نشتت الدقائق والساعات ونضيّعها هباءً منثورا، فتضيع الأفكار وتتضاعف المشكلات، وتتعاظم الأخطاء، وتقل عملية الإنتاج، ونساعد الظروف التي بالتأكيد لا تتحمّل كل أخطائنا في إهمال الوقت.
 إنّها دعوةٌ للقائمين بالعمل المؤسساتي بشكلٍ خاص، وكل من يتوجّه للرأي العام باستثمار جهود ووقت الجميع، لا سيّما العاملين في المؤسسة، لأنّه يشكّل بحدّ ذاته إنجازٌ متميّز لنهوض المؤسسة بالمهام الموكلة إليها ومجابهة التحديّات التي تعترضها، وإيجاد الحلول للمشكلات التي تعاني منها، فمهما كان الإنسان مشغولاً فمن المفترض أنّ خمس ساعاتٍ جديّة كافيةٍ لإنهاء كل ما يلقى على كاهله أياً كانت مسؤولياته ومرتبته الوظيفية، وتبقى الساعة الصباحية والساعة المسائية من أجل شرب الشاي والاستقبال والوداع والتواصل مع زملاء العمل إلى ما هنالك، وبعد انتهاء الدوام الرسمي للراحة وقضاء الواجبات العائلية والمجتمعية... !
 فإدارة الوقت هي الأساس في نجاح العمل المؤسساتي بشكلٍ خاص، واستثمار ذلك هو سرّ النجاح، وتعامل المدير مع العاملين في مؤسسته هو سر تفوّق تلك المؤسسة، فعلى سبيل المثال، يُحكى أنّ مالك إحدى الشركات الكبرى في جولته التفقدية الروتينية لمؤسسته، وجد أحدّ الموظّفين نائماً على كرسيّه، فالتقط له صورة وهو إلى جانبه ونشرها على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحتها عبارة "لكي تبقى شركتنا الرقم واحد في إرضاء العملاء، عمل هذا الموظّف حتى التّعب، مما اضطره للراحة قليلاً"، بهذه العبارة استطاع احترام موظّفيه، وولائهم ومضاعفة أداء مهامهم، لأنّ سعادته براحتهم، ولولا مضاعفة أدائهم وجهودهم لما وصل بأحدهم لمرحلة التعب والإرهاق التي جعلته ينام على الكرسي ليعود لممارسة عمله بإتقان ونشاط.
 الوقت هو الوقت نفسه، والجهد هو الجهد نفسه، وكلّ منا يدّعي أنّه لا يملك الوقت لماذا...! لأنّنا ابتعدنا عن التنظيم والتدقيق، فكلّ يوميٍ هو روتينٌ صباحي، تشرق الشمس في الصباح، وتبدأ عقارب الثواني بالتحرّك بانتظام وصولاً لشروق الشمس في اليوم التالي، مما يسهّل الطريق ويفتح المجال واسعاً أمامنا لكسر الروتين والبدء من جديد، نستفيد من الوقت الذي مضى لاستثمار الوقت الذي سيأتي.
 وهنا لا ننفي أن الكثير من العاملين في المؤسسات الحكومية يعملون بشكلٍ أكبر من المعتاد، وآخرون يعملون بوقتٍ لا يزيد عن النصف ساعةٍ باليوم كلّه، أو لقاء مع شخصٍ ما يكون مقرّراً له عشر دقائق فيمتد ساعاتٍ في بعض الأحيان، أو اجتماعٍ من المفترض وفق جدول الأعمال أن لا يستمر لمدّة ساعة، ليستمر في الكثير من الأحيان لساعات، أليس هذا خطأ كبير من المشرف على تنظيم الاجتماع وترتيبه، وأن الحضور لم يطّلعوا على جدول الأعمال بالشكل الكافي الذي يجعلهم يتقنون دورهم وينهون المهام ونقاش الأفكار المطلوبة منهم بالوقت المحدّد، أو اقتراح وقتٍ كافٍ قبيل بدء الاجتماع لتنظيم الوقت وعدم ضياعه لا سيّما أن الكثير ينتظر بشكلٍ أو آخر نتائج أو حتى من هم ضمن الاجتماع.
  في ظل عصر التكنولوجيا والسرعة، التي من المفترض أنّ وجودها مساعدٌ أساس لزيادة دقّة تنظيم احتياجات الإنسان، وتلبية متطلّباته وتأمين السبل الكافية للمسؤول من أجل إنجاز المهام الملقاة على كاهله بشكلٍ أسرع، وتفعيل عمل المؤسسات الحكومة بكلّ تخصّصاتها دون استثناء بشكلٍ أكثر قوّة وفاعلية ونشاطاً، وإلا فإن استخدام التكنولوجيا والتسميات التي تطلق وتنفّذ تحت شعارات وإطارات شتّى ما هي إلا إضاعة للوقت، ومضاعفة للهدر وزيادة بالإنفاق السلبي، وعبئاً على المؤسسات لا عوناً لها بطريقةٍ أو أخرى، فالتقنية الحديثة والدراسات الحديثة المفترض أنّها وفرّت على صناع القرار الكثير من الوقت، من جهة الاستفادة من التجارب السابقة، ومن جهةٍ ثانية تأمين كافّة متطلباتها وما تحتاجه، وتأمين البنية التحتية لها انطلاقاً من الدراسات الجدية والمنطقية التي أجريت عليها قبيل تطبيقها لكي نتمكّن من تأمين المطلوب بدقّة وإتقان، والأخذ بالحسبان احتمالات الفشل والنجاح وتقبّل الآخر وتأهيله من أجل استثمارها بالشكل الأمثل، وصولاً لإجراء التجارب والاختبارات في المختبرات وعلى شاشات الحاسب الآلي، وتلقائياً سنجد أنّنا استطعنا تطبيقها على أرض الواقع بدقةٍ وإتقان وندرة أخطاء ومشكلات، وبالتالي نبتعد عن الجهود الوهمية، والوقت الضائع، والتجارب الفاشلة.  
 إننا أحوج ما نكون للسير على خطٍ موازٍ للجيش العربي السوري في دحر الإرهاب، باختصار الوقت والجهد وزيادة عملية الانتاج عبر استثمار الوقت للمس المواطن نتائج عمل مؤسساته، لأنّه يستحق المكافأة على صموده والتفافه حول قيادته، وبذلك نوجّه صفعة لأعداء الوطن، الذين لم يدّخروا وسيلةٍ لزعزعة إيمان هذا الشعب بوطنه والتفافه حول قائده، سواءً بالحصار والتضليل الإعلامي والإرهاب بكلّ أشكاله وأنواعه، لتثبت مؤسساته أنّها فقط باستثمارها لوقت العاملين في واعتمادها على الذات، وتنفيذها لتوجيهات قائد الوطن، قد أعطت جزءً مما يستحقّه هذا الشعب الصامد.