تناقضات «إسرائيل».. بقلم: محمود حسونة

تناقضات «إسرائيل».. بقلم: محمود حسونة

تحليل وآراء

الأحد، ٨ ديسمبر ٢٠١٩

«إسرائيل».. كيان قام على مجموعة من الأكاذيب، التي روجت لها وسائل إعلام عالمية، ونجحت في أن ترسم له صورة لدى الرأي العام العالمي تناقض حقيقته؛ ولأن الأكاذيب لا تعيش طويلاً وسرعان ما تنكشف أمام حقائق الماضي والحاضر، أصبحت «إسرائيل» تعيش في ظل مجموعة من التناقضات التي يلمسها الرأي العام العالمي فيغير قناعاته تجاه ذلك الكيان، ومن بين هذه التناقضات، الأكاذيب التي ترددها من حين لآخر بشأن بروتوكولات حكماء صهيون، نافية إياها رغم أنها تطبق فحوى مضمونها، بعد أن أصبح واضحاً للجميع، مساعيها للسيطرة على القرار العالمي، وتوجيهه في الاتجاه الذي يخدم مصالحها، ويكرس ادعاءاتها، وبكل الوسائل غير المشروعة، ابتداء من السيطرة على الاقتصاد العالمي، ومروراً بتغذية الصراعات ونشر الفتن، وانتهاءً بإشعال الحروب..
صوروها على أنها دولة الشفافية التي تتواجد وسط محيط من الفساد، ولكن الحقائق قالت غير ذلك؛ حيث تمكنت من أن تتوالى على حكمها طبقة من الفاسدين والمشتبهين في قضايا فساد، ومعظمهم اتهم خلال توليه المسؤولية، وحوكم بعد الخروج من الحكم، والفساد ليس بالأمر الطارئ، بل بدأت رائحته تفوح منذ اغتصاب فلسطين، وجاء على رأس القائمة عاموس نَجْل ديفيد بن جوريون أول رئيس وزراء، ويتذيل القائمة بنيامين نتنياهو المتهم رسمياً بثلاث قضايا فساد تتعلق بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة؛ وبأسلوب حكام دول العالم الثالث رد نتنياهو على اتهامات المدعي العام له بأنها محاولة انقلاب عليه، والغريب أن الكلام عن فساد نتنياهو وأسرته بدأ منذ سنوات، من دون أن يترك ذلك التأثير المنتظر في ناخبيه ومؤيديه، وكأن الشعب يبارك فساده ما دام يمتلك مهارة السطو على أراضي وحقوق الغير.
نتنياهو ليس أول من تحوم حوله شبهات فساد بين حكام «إسرائيل»، ولن يكون آخرهم، فهو يسير على نهج سابقيه وبينهم أريل شارون وإيهود باراك وإيهود أولمرت وإسحاق رابين وعيزر وايزمان وموشيه قصاب، وبينهم
من كان فساده مالياً ومن كان جنسياً، أما اللاحقون فهم من سيكشف عنهم الزمن، خصوصاً أن أنباء تتحدث عن شبهات بالفساد تحوم حول بعض المرشحين لخلافته إذا لم يعده الكنيست ليتربع على عرش السطو والفساد.
قد يقول بعضهم إن مجرد الكشف عن فساد الطبقة السياسية يحسب للكيان، ولكن هذا لا ينفي كونه كياناً فاسداً.
ليس واقع الفساد وادعاء الشفافية وحده ما يكشف عن تناقضات «إسرائيل»، الدولة التي أصابتنا هي والإعلام
الموالي لها بالصداع من الحديث الدائم عن ليبراليتها وديمقراطيتها وما يتمتع به سكانها من حقوق إنسانية، ولكن الممارسات الواقعية والقوانين التي يشرعها الكنيست تناقض ذلك تماماً، بعد أن زالت حمرة الخجل وأصبحت تجاهر بعنصريتها، وتطالب بأن يعترف بها العرب والعالم دولة لليهود فقط، وأن مَنْ يعيشون على أرضها من المسلمين والمسيحيين يعاملون كأشخاص غير مرغوب فيهم، علماً أنها ومنذ البداية تمارس العنصرية على من استوردتهم من حول العالم، وتفرق بين الأشكناز والسفارديم والفلاشا الذين يعانون تهميشاً واضطهاداً نجم عنه مظاهرات غضب، واحتجاجات عنيفة، ومطالبات بالمساواة مع غيرهم من اليهود في يوليو/تموز الماضي.
«إسرائيل» التناقضات، تتحدث عن السلام ولا تعرف له طريقاً، وكل يوم تسطو على أرض جديدة وتضيف مستوطنة، وتهدم منزلاً سطت عليه من أصحابه لتهديه لأحد رعاعها. تطالب باتفاقيات مع الآخرين، ولكنها لم تعرف يوماً أي التزام لا باتفاقيات ولا بشرعية دولية. خالفت جميع قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظمات الدولية؛ لأنها لا ترضي طموحاتها وأطماعها وتجاوزاتها في حق الآخرين.
ولأنها دولة أكاذيب، لم تكتفِ باحتلال الأرض والسطو على الممتلكات العامة والخاصة فقط، بل استباحت التراث الفلسطيني والعربي لتوهم العالم أن لها تاريخاً وفولكلوراً وجذوراً..
ما أكثر ما يصدر عنها من تصريحات ضد الإرهاب، سواء أكان كلاماً رسمياً أو إعلامياً، وهي التي تمارس إرهاب الدولة ضد الشعب الفلسطيني، من دون أن تفرق بين رجل وامرأة، شاب أو طفل وعجوز، مسلح وأعزل، فجميع الفلسطينيين هدف لها ولآلتها العسكرية، ولجنودها ومستوطنيها.
ما أكثر التناقضات التي تتحكم في «إسرائيل» داخلياً وخارجياً، وأصبحت مكشوفة أمام العالم وتأكل من رصيدها الذي بنته على أوهام، ولعله يكون أحد أسباب تآكل هذا الكيان مستقبلاً.