خطط نتنياهو وترامب ضد العراق وسورية.. بقلم: تحسين الحلبي

خطط نتنياهو وترامب ضد العراق وسورية.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الاثنين، ٢ ديسمبر ٢٠١٩

تثبت سجلات التاريخ في عالمنا العربي والمنطقة والتطورات المتلاحقة للصراع العربي- الإسرائيلي إلى حقيقة أن كل وجود عسكري أميركي أو غربي محتل وغاز لأي منطقة سرعان ما تتحول أماكنه إلى ساحة عمل للاستخبارات الإسرائيلية والمشاريع السياسية الإسرائيلية لأن واشنطن لا تثق بشكل مطلق إلا بإسرائيل الموجودة منذ سبعين عاماً بخبراتها في العمل السري والتخريبي وجمع المعلومات عن الجميع.
وبعد الغزو الأميركي الغربي للعراق عام 2003 كان من البديهي أن تتحول إسرائيل للعمل بشكل علني في شمال العراق بعد أن كانت تقدم الدعم السري لعدد من قادة الأكراد منذ عام 1962 بموجب ما جرى الكشف عنه بالصور والوثائق بعد الاحتلال الأميركي للعراق وتموضع قواته في إقليم كردستان العراق.
في هذه الأوقات نشرت المجلة الإسرائيلية «ماكور ريشون» في صفحتها الاليكترونية الصادرة بالعبرية في 25 تشرين الثاني الجاري مقالا بقلم الصحفي الإسرائيلي أساف غيبور تحت عنوان «الرجل الذي فتح صندوق الباندورا ودفع الثمن» سمحت الرقابة الإسرائيلية بنشره بل بنشر صورة شيرزاد مامساني صاحب «صندوق الباندورا» لأول مرة .
يقول الصحفي الإسرائيلي غيبور: إن «مامساني يهودي من يهود أكراد شمال العراق وكان يتولى قبل سنتين مهمة رسمية في الحكم الذاتي في إقليم كردستان هي مسؤولية الشؤون اليهودية في إقليم كردستان العراق وكنت قد قابلته قبل ثلاث سنوات في مكان عمله هناك لكنه قبل عامين لم يعد يأمن على وجوده وأمنه بعد أن تعرض لأربع عمليات استهدفت حياته في الإقليم».
وفي المقابلة التي أجراها معه غيبور يقول مامساني الذي يتقن العبرية وكان قد زار إسرائيل مرات كثيرة إنه «عمل على ترميم وجود الجالية اليهودية في الإقليم وتعزيز الجسور مع إسرائيل» والحقيقة أنه لا يوجد بموجب ما قاله للصحفي الإسرائيلي سوى ثلاثة إخوة يهود هو واحد منهم وكانوا جميعاً قد أخفوا هويتهم اليهودية عشرات السنين إلى أن احتل الأميركيون العراق عام 2003 ويضيف مامساني: إن «الإسرائيليين أخذوا يتوافدون على منطقة إقليم كردستان العراق ويقيمون هناك بعد عام 2003» وأن «القيادة الإسرائيلية كانت تولي أهمية لدور أكراد شمال العراق في التصدي لكل من يعارض انفصالهم عن العراق وكانت تعدهم للتصدي للنفوذ الإيراني في كل العراق».
ويقول مامساني: إنه ألقى في نيسان 2016 كلمة في قاعة الكونغرس الأميركي تمهيداً للعمل على انفصال أكراد العراق وتحويل شمال العراق إلى قاعدة للعمل على دعم أكراد سورية لتحقيق نفس الهدف. ويبدو أن الكشف عن شخصية مامساني ومنصبه في إقليم كردستان العراق جاء متزامناً مع زيارة نائب الرئيس الأميركي مايكيل بينيس إلى تلك المنطقة واجتماعه بعدد من قادة الأكراد هناك وتوجيههم علناً هذه المرة نحو السيطرة على نفط تلك المنطقة في شمال العراق وبيعه دون صلة ببغداد والحكومة العراقية وهو الذي أعلن بعد عودته من تلك الزيارة قبل أيام أن النفط الذي تسيطر عليه الوحدات الأميركية في شمال شرقي سورية لن يباع إلا لمصلحة المجموعات الكردية المسلحة المتحالفة مع قوات الاحتلال الأميركية هناك.
ولا تستبعد معظم التحليلات وبخاصة الروسية منها أن تكون مثل هذه الزيارة رسالة لحلفاء الولايات المتحدة المحليين للانضواء بحملة عسكرية إرهابية تصعيدية تقوم بها المجموعات الكردية المسلحة في شمال العراق وشمال شرقي سورية بدعم أميركي علني ضد الجيشين السوري والعراقي وحلفائهما في المنطقة وهذا ما رحبت به مصادر إسرائيلية بدأت تتحدث عن محاولات أميركية إسرائيلية لتوجيه ضربة ضد إيران بعد فشل زعزعة استقرار إيران من الداخل وتزايد المراهنة على العمل العسكري الأميركي ضد إيران.
يبدو أن تحذير وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف للمجموعات الكردية المسلحة في شمال شرق سورية بعدم ارتكاب خطأ فادح في المراهنة على الولايات المتحدة وتحريضها لهذه المجموعات جاء هو أيضا متزامنا مع معرفة روسيا بالمخطط العدواني للولايات المتحدة ضد العراق وسورية وبخاصة حين بدأت تستغل الاحتجاجات المدنية العراقية وتوجيهها نحو العنف لزعزعة استقرار العراق.
لذلك، يرى بعض المختصين في شؤون المنطقة أن أزمة إسرائيل الداخلية واستعصاء حلولها حتى الآن، قد تدفع نتنياهو إلى توريط الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصعيد في هذه الأوقات بخاصة لأن الاثنين بحاجة للهروب باتجاه خارج أزماتهما الداخلية واستبدال حلولها المفترضة بحلول خارجية.