بومبيو الناطق الرسمي بإسم الفوضى الأمريكية.. بقلم: ميشيل كلاغاصي

بومبيو الناطق الرسمي بإسم الفوضى الأمريكية.. بقلم: ميشيل كلاغاصي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١٩ نوفمبر ٢٠١٩

أيُّ سياسةٍ خارجية تلك التي تعتمد النفاق والتصاريح الكاذبة وغير المدعومة بأدلةٍ قطعية, خصوصا ًوأنها موجهة لشعوبٍ خرجت إلى الشارع لتعبر عن أوجاعها واّلامها ومطالبها... وما من شكٍ بأن تلك التصريحات تندرج تحت عنوان التحريض الخطير في مجتمعاتٍ منقسمة حول قضايا سياسية وأساسية واضحة, أرادت الولايات المتحدة استغلالها وحرفها عن مسارها الطبيعي لتجني من ورائها مكاسب غير متوقعة قبل التظاهرات والحراك الشعبي, تستطيع من خلالها تعويض جزءا ًمن خسائرها السياسية والعسكرية في المعارك التي تخوضها في المنطقة. ولا تحتاج التصاريح الأمريكية عموما ًوتلك التي يطلقها ساستها إلى تفسيرٍ أو تأويل لمعرفة وجهتها وأهدافها خصوصا ًعندما يتعلق الأمر بالجمهورية الإسلامية الإيرانية, ولا تحتاج إلى اللباقة واللياقة والدبلوماسية التي تفتقدها أصلا ًالسياسة الأمريكية, وتفضل إتباع سياسة العنجهية الممزوجة بتقصد الإستخفاف وإهانة عقول الاّخرين .. في الوقت الذي يعتقد الأمريكيون أن استراتيجية "الإهانة"هي أحد أسباب قوتهم وتأثيرهم, ناهيك عن سياسة النفاق والأكاذيب والتحريض وكل ما من شأنه الإيحاء بقدرة الولايات المتحدة على الإحتفاظ بمكانتها العالية والتي لا يشاركها فيها أحد, ولا نجد دليلا ًأوضح من ذاك النهج الذي دأب الرئيس دونالد ترامب وفريق إدارته على إتباعه حيال دول الخليج عموما ًوالنظام السعودي ووملكه وولي عهده بشكلٍ خاص. فأيُّ تصريحاتٍ وتغريداتٍ تلك التي أطلقها الوزير مايك بومبيو من بوابة مساندته الإحتجاجات العراقية واللبنانية ضد ما دعاه بـ"الهيمنة" الإيرانية على بلديهما !, والتي حاول فيها أن يحل محل عقول الشعبين اللبناني والعراقي, ويحلل أسباب تدهور أوضاعهم الداخلية, ويخرج بتفسيرٍ وقح, يُحمّل فيه الدولة الإيرانية المسؤولية الكاملة عن الفساد الأخلاقي والإجتماعي والسياسي هناك, وأن الشعبين اللبناني والعراقي اكتشفا "أن الفساد هو أعلى صادرات النظام الإيراني" عبر حكوماتهم الموالية لها..!, ياله من وزير يدعم إفلاسه السياسي بالأكاذيب. لم يخفِ بومبيو رغبة بلاده وتحريضها وتورطها في دعم إسقاط تلك الحكومات, ولم يجرؤ عن الإفصاح بأن حكومته وسفارات بلاده هي بالأساس من يقف وراء تعقيد حياة الشعبين وإنتشار الفساد والضغط على المواطنين في لقمة عيشهم عبر أزلامهم وعملائهم في كلا البلدين, وأنها تقف أمام حل كل المشاكل الإقتصادية والسياسية التي إفتعلتها, وساهمت بتعزيز الإنقسام الحاد حول الدور السلمي والطبيعي لإيران في المنطقة. ولم يكتف بومبيو بالتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية والعراقية, بل تعداها للتدخل في الشؤون الإيرانية, وبتلك الإحتجاجات التي خرجت للتعبير عن استيائها من رفع أسعار الوقود, ولم يخجل من وصفها بـ"الإنتفاضة", وبالحديث عن دعم ووقوف واشنطن إلى جانب المتظاهرين, لكنه في الحقيقة لم يكن ليُقر بدعم بلاده "لبعض مثيري الشغب في بعض المدن الإيرانية" – بحسب وزارة الخارجية الإيرانية-, وإطلاقه تصريحاتٍ "منافقة وانتهازية" - بحسب المتحدث بإسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي. مالذي يفعله الوزير بومبيو؟ وهو وزير خارجية الدولة "العظمى", وما هي السياسة التي يرسمها لبلاده عبر تصريحاتٍ كاذبة, وتغريدياتٍ سخيفة ؟, لقد أكد أنه الوزير الأضعف في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية على الإطلاق, والذي لم يُعرف له سياسة أو نهج أو موقف سوى إرضاء اللوبي الإسرائيلي في أمريكا, وقادة الكيان الغاصب في فلسطين المحتلة, يبدو أنه وجد نفسه لسانا ًوبوقا ًصهيونيا ًللولايات المتحدة, وليس عقلها كوزيرٍ للخارجية, واختار أن يكون الناطق الرسمي بإسم الشتامين ومثيري الشغب وخونة الأوطان ليس إلاّ. من الواضح أن وزير الفتنة والتحريض الأمريكي, لا يدرك طبيعة دول وشعوب المنطقة, ولا يفقه في تركيبتها الفسيفسائية, وعراقتها التاريخية والحضارية والدينية, ولم يصغ لحديث سماحة السيد علي السيستاني بأن:"هناك أطراف خارجية وداخلية ممن قد يسعون اليوم لإستغلال الإحتجاجات الحالية" ... ولم يصغ كذلك لكلام سماحة السيد حسن نصر الله, الذي فضح الدور الأمريكي في لبنان, وبكيفية تدخلها لمنع الحكومة من فتح شرايين الإقتصاد نحو العراق وعبر دمشق, ومنع توقيع عشرات العقود مع الشركات الصينية والروسية والإيرانية, ومنع تنفيذ عشرات المشاريع كالسكك الحديدية التي تربط لبنان بسورية وصولا ً للعراق وإيران, كما كشف حقيقة تدخل الإدارة الأمريكية ومحاولاتها لإستثمار الفوضى, تحت عنوان الحد أو القضاء على النفوذ الإيراني في لبنان, لقد أكد سماحته أن النفوذ الإيراني في لبنان بحسب العقلية والمفهوم الأمريكي هي المقاومة. ولا بد من وضع تصريحات بومبيو, بما تخفيه من نوايا وأهداف صهيو- أمريكية, تتجلى بصورةٍ واضحة في كل ما يحصل في لبنان وسورية والعراق وإيران , عبر السعي لتعميم الفوضى والفتنة بغية تقطيع وشائج المجتمعات والعلاقات بين الشعوب في الدولة الواحدة وبين تلك الدول عموما ً, من أجل هدفٍ رئيسي وحيد هو استهداف محور المقاومة والإنجازات التي حققها, التي ستتضاعف مع إنتهاء الحرب – الدولية - الإرهابية على سورية والعراق, وإتجاه المنطقة بشكلٍ طبيعي نحو استعادة استقرارها وبناء إقتصادها بالإعتماد على الثروات النفطية والغازية خصوصا ً تلك المكتشفة حديثا ً, من الواضح أن أمريكا تقاتل بشراسة من أجل وضع يدها على تلك الثروات وبتأكيد الرئيس ترامب الذي أكد أنه "مستعدٌ للقتال والمواجهة" – وذلك في حديثه عن حقول النفط السورية -. إن سعي الولايات المتحدة لإشعال المنطقة وإغراقها في أتون الفوضى, يتناقض تماما ًمع ما تدعيه من شعارات مزيفة رفعتها لمناصرة الحرية والديمقراطية, ويؤكد أنها لا تكترث بحياة الشعوب وإنهيار دولهم, وربما استعدادها لإدخالهم في حروبٍ أهلية طائفية أو عرقية لا فرق, مقابل السطو على ثروات ومقدرات شعوبهم ودولهم ... ولا بد من قرع أجراس التحذير من الوقوع في الخطيئة الكبرى مجددا ً, فالولايات المتحدة تملك ما تملك من العملاء والخونة في المنطقة, وتملك مفتاحها "الذهبي" للإبقاء على وجودها العسكري في سورية والعراق, عبر إحكام قبضتها على سيف تنظيم "داعش" وسيف نظام اّل سعود وأزلامه, اللذين تعتمد عليهم لدعم أعداء المقاومة في لبنان والعراق وسورية وحتى داخل إيران... لا أحد يستطيع التنكر لحقوق الشعوب, ولتظاهراتهم والبوح العلني بأوجاعهم واّلامهم, ورفضهم لإستمرار الفساد الذي نخر حياتهم, وأطلق يد بعض الطبقة السياسية كوكلاء لعلي بابا وكانوا بإمتياز الأربعين حرامي, ووقفوا سدا ًمنيعا ً أمام تطور وإزدهار البلاد, وإفساح المجال أمام العيش الرغيد وبكرامة ... لكن, لا بد من التمييز بين المتظاهرين العفويين ومطالبهم المحقة, وبين المندسين والمسيسين وأزلام الفساد وعملاء الخارج, ومنع الحراك من الخروج عن الإطار الوطني كي تصل الشعوب إلى مبتغاها, وقطع الطريق على كل من يتربصون بالبلاد شرا ً.