رئاتنا تحترق والمتهم «المناخ».. بقلم: معذى هناوي

رئاتنا تحترق والمتهم «المناخ».. بقلم: معذى هناوي

تحليل وآراء

الأربعاء، ١٦ أكتوبر ٢٠١٩

الويل لمن يغنّي على ليلاه من بعض المسؤولين والمعنيين وغاباتنا تحترق وتحرق أكبادنا معها ورئات التنفس الوحيدة المتبقية لنا وسط كل هذا الصخب والتلوث البيئي والسمعي الناجم عن تصريحاتهم الرنانة وإجراءاتهم واستعداداتهم الهوائية التي تزيد من استعار النار في كبد هذه الثروة الوطنية التي لا تُقدّر بثمن، مع أن إحدى الدراسات التي أعدّها فريق وطني في إطار اتفاقيات تغيّرات المناخ قبل أكثر من عشر سنوات حين قدّرتها بالعملة الصعبة بحوالي ستين مليار دولار، واقترحت حينها مجموعة من التوصيات المهمة للحفاظ عليها، وبقيت حبيسة الأدراج، وليت الأمر يتوقف عند ذلك، لكن أن يقضي رجالنا من بعض الغيارى حرقاً واختناقاً بسحب دخانها المسموم وهول خطورتها في سبيل مكافحتها منفردين وبإمكانات متواضعة لعمري هو بطولة وخسارة لا تُقدّر بثمن، وأغلى بكثير من تلك الأرقام التي قدّرت قيمتها المادية مادمنا نعيش عصر التصريحات والشعارات الطنانة التي يسوقها البعض من المسؤولين كإنجازات وبطولات لم تستطع معها أن تحمي رجال الإطفاء ومن قضوا في سبيل حمايتها استشهاداً أسطورياً على قلّتهم، وكمن يصارع وحش النار الذي يلتهم كل شيء وأول ما يلتهم هو تصريحات بعض المعنيين في حمايتها ويذروها رماداً. وهل يكفي أن يكون الطقس بحرارته المرتفعة المتهم الأساس في افتعال هذه الحرائق، بينما المتهم الحقيقي في افتعالها طليق؟.
وهل يكفي أن تسجل الضبوط دائماً ضد مجهول يظهر بعد حين وقد استولى على الأرض التي حرقها؟.
هول الحرائق ومشهدها وصوت استغاثة المحاصرين بها ومن قضوا وهم يحاولون إخمادها من دون قفازات ومن دون ألبسة الوقاية، وبإمكانات وآليات صدئة ومهترئة، ونقص في العتاد والمعدات، وتعويضات تكاد لا تشتري «جزمة» مضادة للحريق ولا تغني فرق الإطفاء ومكافحة الحرائق طبيعة أعمالهم الخطرة وتدنيها شر الحرائق مايستدعي الاهتمام بالبشر ليستطيعوا حماية الشجر. هول الحرائق التي نشبت في قلب حراجنا يستدعي ضوابط عدلية حراجية مدججة ومحصنة بكل الوسائل، وحصانة تفوق الحصانات الخلّبية التي تُمنح وتُوزع على الفاسدين وتقوي عناصرها في وجه المجرمين الذين يستبيحون غاباتنا بسواطيرهم قتلاً وحرقاً للاستيلاء على أرضها وثرواتها، ويستدعي الأخذ بتوصيات ورشنا ومؤتمراتنا -وما أكثرها- على محمل التنفيذ بإجراءات سريعة لا تنتظر وقوع فأس المعتدين بكبد الغابة، من شق الطرق داخلها وتحصينها بكل وسائل الحماية اللازمة بالعتاد والعناصر لكيلا تبقى للمناخ وللمجرمين ذريعة استباحة رئاتنا منها.
بقي أن نترحم على أولئك الأبطال ممن استبسلوا في الدفاع عنها واستشهدوا في سبيل الواجب، والشفاء العاجل للمصابين.