التعاون المؤسساتي لإدارة ناجحة...بقلم: سامر يحيى

التعاون المؤسساتي لإدارة ناجحة...بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الثلاثاء، ١ أكتوبر ٢٠١٩

"الانتاجية تتحقّق عبر العمل بطاقةٍ كاملة، عبر النظام العام الذي يؤطّر عمل المؤسسات، وبالتالي تصبح النتائج أكثر فعالية على الأرض" "عند إصدار جزء من القوانين أو التشريعات بشكلٍ فردي أو تسلسلٍ خاطئ لن نصل لنتيجة، وبالتالي نحتاج لتحسين البيئة ككل، التي هي المؤسسات، والقوانين التي تحكم هذه المؤسسات، والإجراءات والأنظمة والآليات المختلفة التي تتعامل بها، وأن المشروع يعمل على وضع الهيكليات ووضع التوصيف ولاحقاً يقوم بعملية القياس والمتابعة، ومشاركة المواطن والموظّف لتصبح العملية شاملة ...
إنّها مقتطفات من كلمةٍ توجيهيةٍ شاملة للسيد رئيس الجمهورية في حديثه لإطلاق المشروع الوطني للإصلاح الإداري في20/6/2017، تعتبر منهاج عملٍ كاملٍ ومخططٍ ومختصر وواضح، لبدء المؤسسات بعملها المنتج المتفان، بتعاونٍ وتعاضد، بسرعةٍ وإتقان، لا بتسرّع وإهمال، فكلّ المؤسسات انتماؤها للوطن، ومسؤوليتها إدارة موارده واستكمال عملية إعادة إعماره، كلٌ ضمن المجال المكلّف به، بعيداً عن المطامع الشخصية، وتحميل المسؤولية للآخر، والتبرير بقوانين وقرارات هي بالأصل من وضع المؤسسة، والتحجّج بأنّ هذه المؤسسة مستقلة، ومؤسسة تريد إطلاق يدها في المؤسسة الأخرى أو السيطرة عليها، ما نحتاجه هو الشعور بأنّ المسؤولية هي تفكير جميع المؤسسات بانتماءً وطني واحد، عبر التعاون والنقاش والحوار واللقاءات المستمرة، لا سيّما أن قمّة الهيكل الرئيسي يجتمع أسبوعياً، وعند الضرورة، مما يساهم في توحيد الجهود، وتذليل العقبات والتحدّيات، واختصار الوقت وتضييق المسافات في الرؤى والأفكار، للانتقاء والتحفيز لإقرار قرارٍ جامعٍ ودراسةٍ كاملةٍ شاملةٍ وافية قابلة للتطبيق على أرض الواقع، يسهّل عملية استثمار موارد الوطن واستنهاض جهود كلّ مواطنيه، وتكون المؤسسات كل منها سندٌ للأخرى ضمن نطاق عملها ومجالها والمهام الموكلة على عاتقها، بعيداً عن التشابك والتعقيد، وأن تكون التعليمات التنفيذية والأسباب الموجبة لأي قرار فور إصدار القرار مباشرةً، لتفادي كل التأويلات وسدّ الثغرات ومعالجة الإشكاليات والمتشابهات، بنظرةٍ إيجابية آنيةٍ مستقبلية نابعة من الحاضر مستندة للماضي، بما يؤهلها للاستمرار بفعالية ونجاح في المستقبل، والذي يمهّد له التخطيط السليم، لتوفير الوقت والجهد أثناء إعداد دراسةٍ فنية علمية وعملية بعيداً عن التخبّط والعودة للصفر مجدداً ووضع تكاليف كان يمكن تفادي قسماً لا بأس به منها، ليعود لصالح المؤسسات والخزينة العامة.
إن الأفكار الإيجابية، والرؤى المنطقية من قبل العاملين ضمن المؤسسة، فعّالة لأنّ لديهم خبرة ودراية بالتطوير والتحديث للمؤسسة، أضعاف خبراء أكاديميين من خارجها ومئات النظريات، فكيف إذا دمجنا بين العامل والتأهيل التدريبي المؤسساتي، لا سيّما أن الشبكة العنكبوتية جعلت العالم قرية صغيرة، إلاّ أننا نرى العكس، وعادةً ما يقف المدير المباشر عائقاً أمام إيصال أفكار العامل للجهة الأعلى تحت حجج واهية، وإن تجاوز مديره بات متعالياً ومتجاوزاً الاحترام المؤسساتي، وإن نشر في وسائل الإعلام موضوعاً عاماً، يصبح مفشياً لسرّ من أسرار مؤسسته، وعدم التجاوب مع الشكاوى تحت حجة الحفاظ على هيبة المؤسسة، متجاهلين أن هيبة المؤسسة تفرض عندما يحترم العامل المراجع أنّى كان تصرّفه سلبياً، فالمراجع كل ينتمي لبيئةٍ مختلفة، بينما العامل هو ابن المؤسسة والمفترض أن يكون قد تحلّى بأخلاقها ولديه القدرة على التعامل مع كل الضغوط والتحديّات التي تتعرّض لها مؤسسته، وأنّ دور أي مؤسسة تحقيق التطوير والسير بخطىّ بناءة وإيجابية في مشروع التطوير الإداري الذي وجد ليشمل  كافّة المؤسسات دون استثناء، ولا مبرّر لتأخر التجاوب مع هذا المشروع الوطني، أنّى كان المبرّر، وإلا فهناك خطأ فادح في عدم إيصال فكرة المشروع للجميع للوصول للهدف الذي نسمو إليه جميعاً، مما يخشى أن يتحوّل مستقبلاً نتيجة التعاطي الروتيني، إلى تجربةٍ فاشلةٍ تعاني من تحدّيات وعوائق مستقبلية بنتائج خلّبية مغلّفة بالعسل وإيجابيةً بالتنظير وفاشلةٌ على أرض الواقع، لأنّنا أحوج ما نريد اليوم استكمال اعادة الاعمار، الاستفادة من الأخطاء التي سبقت، النجاحات والسلبيات التي مرّت بها المؤسسات الوطنية كافّة، آخذين بالاعتبار خصوصية ومهام وحساسية كل مؤسسة، وبالتالي المشروع الإداري الناجع هو القادر على أن يكون شاملاً ومدركاً لكل ذلك، والمفترض أن يكون مؤهلاً لقيادة الدفّة الإدارية بشكلٍ سليم ومتكامل، فإن فشل في ذلك فهناك فشلٌ ذريع، وإن طبّق على بعض المؤسسات أيضاً هناك خطأ كبير، فكل المؤسسات تضع في "ترويستها" الجمهورية العربية السورية ومن ثم اسمها، ولكن لكل منها تخصّصها واختصاصها والمهام الموكلة إليها، فهي كلٌ متكامل، لكن يجب أن نأخذ التخصص بعين الاعتبار، والحل الأمثل والناجع لنجاح عملية الإدارية والتطوير الإداري تفعيل دور دائرة العلاقات العامة التي تضمّ الكوادر القيادية في المؤسسة، بما يؤهلها لحل التشابكات والتعقيدات ومراعاة الخصوصية، وإيجاد الحلول الإدارية والأفكار الناجعة واستنهاض الهمم وقياس الأداء واستكمال البناء دون استثناء مؤسسةٍ أو جهةٍ، ونقضي على التشتت والفشل والتناقض والتخبّط في إصدار القرارات والتصريحات، فصحيح إن الإنسان يخطئ ولكن الإدارة يجب ألا تخطئ، لأنّها نتيجة عملٍ جماعيٍ يدرس كلّ الجوانب، مستكملاً كل البيانات والمعطيات والتأكد من صدقيتها ووضع الفرضيات للوصول لنتائج جديّة قابلة للتطبيق على أرض الواقع لمعالجة المشكلات وإيجاد الحلول لها، آخذين بعين الاعتبار وضع مؤسساتنا وصمودها في وجه آفة الإرهاب، وشعبنا وحيوته وقدرته على العطاء والإنجاز ورؤيته وخصوصيته التي تميّزه عن جميع شعوب العالم.
والتساؤل المطروح بقوّة، هل نحن وعلى أبواب الحكومة الالكترونية، أن يكون لكل وزارة أو مؤسسةٍ عنوانٌ الكتروني مختلف ومستقل عن الأخرى، حتى بالمعلومات العامة، وبطريقة خطابه ومراسلاته، هل عجزنا عن وضع آلية عملية حقيقية لتوحيد الإطار العام والمعلومة العامة في كل المؤسسات، ومن ثم كل مؤسسة تحافظ على تخصّصها وجوهر عملها، بما يساهم بإعطاء محتوى سوري إيجابي وبنّاء، والمراقبة وحتى القياس لتلك المؤسسات الوطنية، والقدرة على وضع الموازنة السنوية والمراجعة والتدقيق الدوري لتنفيذ موازنات المؤسسات الوطنية..
العلاقات العامة هي الإطار الشامل والجامع للمؤسسات الوطنية لكي تكون الأساس في بناء الوطن، والحجر الراسخ في تعزيز سمعة الوطن...ومعالجة كل التحديّات والعقبات، وتطوير الإيجابيات، وتحقيق المحتوى التعريفي الرقمي الأوضح والأعم والأشمل الذي يعزّز العمل الوطني والانتماء، وتلقائياً سنجد أنفسنا قد وضعنا استمارات واستبيان مجدٍ لتوحيد الرسوم والتخفيف من الورقيات، وصلة وصلٍ بين المواطن ومؤسساته، بين المؤسسة وموظّفيها، بين القيادة والقاعدة، بما يؤدي للقياس بهدف التقييم والتقويم للأداء وتفعيل الإيجابيات وتنشيطها ومعالجة التحدّيات والمشكلات والقضاء عليها، لا مجرّد إعطاء علامات، مع وجود العديد من أجهزة الرقابة التي نجد أنّها قادرةٌ على البحث ومعالجة الموضوع أو المعلومة في لحظتها إن كانت هناك إرادة، فمن الخطأ تجاهل عامل الوقت، وأن نعمل بسرعةٍ لا بتسرّع، بحكمة وحنكة لا بعاطفةٍ وانفعالية.
كلام سيّد الوطن واضحٌ في كل أحاديثه منذ عام 2001 وحتى اليوم، يحتاج من كلّ منا الالتزام به، والسير في هديه، لاستنهاض الجهود واستثمار العمل بكل مؤسساتنا للوصول للهدف الأسمى والذي هو غاية كل مواطنٍ للنهوض بالوطن، وأن تكون المؤسسات الوطنية بكامل كوادرها هي القدوة لكي يلمس المواطن ذلك على أرض الواقع اليوم قبل الغد، بصدقية خطابها المدروس المتمتّع بالمصداقية والقابلية للتطبيق على أرض الواقع، لا بتثبيط الهمم وزرع اليأس بحجّة الشفافية، ولا بزيادة جرعة التفاؤل والتنظير بحجّة زرع الأمل، الذي ستكون له انعكاسات سلبية على الوطن ككل، بل الاقتداء بسيّد الوطن، بالجمع بين الحكمة والحنكة، بين العمل الجاد والمسؤولية، بين المسؤولية الملقاة على كاهل الشخص كمسؤولٍ وطني دوره البحث عن الحلول وتحقيق النجاحات، والمسؤولية المجتمعية لقيام كلٍ منا بدوره ببناء الوطن.